top of page
22 / 19

الحلقة النقاشية التاسعة عشر: العدوان على غزة ووحدة الصف الفلسطيني

5/2/2009

في القريب شهد الواقع العربي فترة تاريخية ـ تبدو من الناحية الظاهرية ـ ذات طبيعة عبثية تظهر أننا لم ندرك بعد القانون الذي ينظم حركة التاريخ.. وقد تجسدت مظاهر العبثية خلال تلك الفترة في العدوان الإسرائيلي على غزة؛ فهناك عالم غربي بأكمله يقف خلف إسرائيل التي أصبحت تمتلك قوة تصاعد سقفها حتى بلغ حد امتلاك السلاح النووي، ذلك كله في مقابل حركة مقاومة في قطاع غزة الصغير الذي يصل تعداد سكانه إلى قرابة المليون ونصف المليون نسمة، وتتعمق هذه العبثية وتتسع الدهشة في مواجهتها، حينما انكشف تحالف قوى عربية وفلسطينية من أجل إسقاط تلك الحركة أو حتى استغلالها كورقة للمساومة بها.

بيد أن هذه اللحظة التاريخية ـ التي تبدو عبثية في ظاهرها ـ تحمل بداخلها تحولات جوهرية؛ فما يحدث هو تكشف لحقيقة نظام عربي ادعت دوله تاريخيًا أنها ناضلت ومازالت تناضل من أجل تحرير فلسطين، بينما هي في الحقيقة تعيش مستندة في وجودها إلى هذه القضية.. فحينما حمي وطيس العدوان وجدت غزة نفسها وحيدة تواجه بشجاعة آلة الحرب الإسرائيلية، وأصبح الموقف العربي عاريًا لا يجد حتى ورقة التوت التي تستره.

وكذلك أيضًا فإن سقوط الشهداء والجرحى أيقظ شعبًا بدأ يدرك أنه بسواعده عليه أن يحمي وطنه، ويدافع عن قضيته، ليصبح المستقبل، رغم ضبابيته، أكثر إيجابية مقابل ماض معيب وممزق.. وعلى خلاف ذلك فإن إسرائيل الآن دولة قوية تحظى بالدعم الغربي، غير أن مستقبلها يحمل داخله مخاطر كثيرة أولها هزائم ذات طبيعة استراتيجية على يد قوى مقاومة عربية صغيرة أطاحت بهيبة العسكرية الإسرائيلية التي تجلت مظاهرها من خلال الإفراط في استخدام أقصى مستويات العنف والتدمير، كتعبير عن أقصى مستويات الخوف من زلزلة الوجود، بينما تجلى المظهر الثاني في السعي المرتعد لطلب الأمان من القوى الغربية كي تأتي لتحميها من سلاح حركة مقاومة صغيرة، بحيث نستطيع القول إن الشخصية الإسرائيلية منيت بهزيمة سيكولوجية في 2006 على يد "حزب الله" وتأكدت في 2009، ومن الطبيعي أن تتكشف الساحات الإيجابية لفلسطين والسلبية لإسرائيل ترتيبًا على ما حدث في ساحة أرض غزة على صفحات المستقبل.

وفي هذا الإطار يمكن أن نلاحظ أن العدوان على غزة قد ساعد على ولادة شرق أوسط جديد غير ذلك الذي تمناه الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" ونظّرت له وزيرة خارجيته "كونداليزا رايس".. نظام في طور التشكل.. نسيجه مازال غير مكتمل، وعناصره مازالت في اتجاه التشابك، وقاعدته المقاومة من أجل تحرير الأرض.

وانطلاقًا من حيوية هذه القضية، فقد ارتأى مجلس الفكر التابع لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية أن يخصص حلقته النقاشية التاسعة عشرة التي عقدت في فبراير 2009 لمناقشة هذه القضية، والتي جاء ثمرتها هذا الكتاب: "العدوان على غزة ووحدة الصف الفلسطيني"، والذي ينقسم إلى أربعة فصول، وهي:

الفصل الأول: العدوان الإسرائيلي على غزة.. المقدمات والدوافع

الفصل الثاني: العدوان..  ردود الفعل والمواقف 

الفصل الثالث: آثار وتداعيات العدوان 

الفصل الرابع: ما بعد العدوان.. اتجاهات الرؤية المستقبلية 

وهنا يتعين الإشارة إلى أن هناك أحداثًا وقعت بعد الحلقة النقاشية وتم ذكرها بين دفتي الكتاب في محاولة لتقديم صورة أكثر وضوحًا بخصوص هذه القضية.

bottom of page