top of page
22/ 14

 

الحلقة النقاشية الرابعة عشر: الأزمة السورية - اللبنانية.. التداعيات المفتوحة والسيناريوهات المحتملة

19/1/2006

رغم أنها لم تكن مدرجة منذ البداية ضمن "محور الشر" الذي أعلنه الرئيس الأمريكي "جورج بوش" في أول خطاب عن حالة الاتحاد بعد تسلمه السلطة بداية العام 2001، وضم كلاً من العراق وإيران وكوريا الشمالية - فإن سلسلة الأحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة في المرحلة اللاحقة عجلت من دخول سوريا دائرة الاستهداف الأمريكي الفعلي؛ حيث رأت الإدارة الأمريكية أن دور دمشق الإقليمي عمومًا، وفي لبنان على وجه التحديد، بات غير مرغوب فيه، ولكن حاجة واشنطن للمعلومات الاستخباراتية التي كانت بحوزة الأجهزة الأمنية السورية حول الجماعات الأصولية المتطرفة، دفعتها إلى تأجيل المواجهة معها لفترة زمنية معينة.

وجاءت الحرب على العراق لتكون نقطة الافتراق بين الطرفين السوري والأمريكي، وذلك بعد معارضة دمشق للحرب واتهامات واشنطن لها بتخريب الوضع الأمني في العراق وعدم ضبط الحدود وتسريب المقاتلين، معلنة بذلك بدء المرحلة الأخيرة من المواجهة، من خلال قيام الولايات المتحدة باتخاذ أولى خطوات تضييق الخناق على دمشق بإصدار الكونجرس قانون "محاسبة سوريا وسيادة لبنان" في ديسمبر 2003.. وبعد ذلك توالت الضغوط بمختلف الأساليب المشروعة وغير المشروعة، فضغطت على مجلس الأمن الدولي لإصدار القرار رقم (1559) في سبتمبر 2004، والذي دعا إلى سحب القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، علاوة على فرض سيطرة السلطة الرسمية على جميع الأراضي اللبنانية، ودعم إجراء انتخابات حرة عادلة من دون تدخل أو تأثير خارجي. 

ثم جاءت جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري، وما تلاها من تطورات"، لتمثل ذروة الأزمة؛ حيث ضغطت الإدارة الأمريكية بتنسيق وتعاون كاملين مع فرنسا لتصدر وفي 7/4/2005 من مجلس الأمن القرار رقم (1595) الخاص بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في ملابسات هذه الجريمة برئاسة الألماني "ديتليف ميليس"، والتي خلصت في تقريرها الأول الذي صدر يوم 21/10/2005 إلى اتهام مسؤولين لبنانيين وسوريين بالتورط فيها، مما أتاح الفرصة لاستصدار قرار جديد يدخل في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو القرار رقم (1636) الذي صدر يوم 2/11/2005، ويطالب دمشق بالتعاون السريع والكامل وغير المشروط مع لجنة "ميليس"، ويهددها بأنها إذا لم تتعاون مع اللجنة سوف تتخذ إجراءات أخرى. وجاء التقرير الثاني للجنة في 15/12/2005 ليؤكد ما توصل إليه التقرير الأول ويتهم سوريا بعدم التعاون، بشكل فتح المجال أمام إصدار القرار (1644) في 15/12/2005 الذي وسع من صلاحيات اللجنة لتشمل كل الجرائم التي وقعت في لبنان في مرحلة ما بعد اغتيال الحريري، قبل أن تفاقم تصريحات نائب الرئيس السوري "عبد الحليم خدام" يوم 31/12/2005 - والتي مثلت قرينة خطيرة لإدانة النظام السوري والرئيس "بشار الأسد" بالتورط في الجريمة - من حدة الأزمة وتضع دمشق والمنطقة أمام منعطف خطير.

ورغم أن تطورات هذا الملف مازالت تتفاعل بشكل يمكن القول معه إنها مفتوحة على كل الاحتمالات، فإن التصعيد الواضح الذي بدأ يشهده من جانب الولايات المتحدة أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التصعيد، واحتمالات وجود أجندة أمريكية - دولية لاستهداف سوريا، والتداعيات التي قد تترتب نتيجة لذلك على المنطقة ككل في ضوء التداخل والتعقيد الذي تتسم به هذه الأزمة، وكيفية إدارتها من جانب الأطراف المختلفة، وغيرها من التساؤلات التي كانت مثار تركيز وبحث أعضاء مجلس الفكر العربي التابع لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، خلال جلسته الرابعة عشرة التي عقدت يوم 19/1/2006، وجاء ثمرتها هذا الكتاب، والذي ينقسم إلى ثلاثة محاور:

المحور الأول: جذور الأزمة وعناصرها

المحور الثاني: أساليب إدارة الأزمة

المحور الثالث: السيناريوهات المحتملة وتداعياتها على المنطقة

bottom of page