top of page

28/01/2023

استراتيجيات دول الخليج للوصول إلى «الحياد الكربوني»

في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2015،‭ ‬وقعت‭ ‬195‭ ‬دولة‭ -‬من‭ ‬بينها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭- ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬باريس‭ ‬للمناخ‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬دخلت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2016،‭ ‬وصدقت‭ ‬عليها‭ ‬189‭ ‬دولة،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ولايزال‭ ‬يستهدف‭ ‬الحد‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬وذلك‭ ‬تفاديًا‭ ‬لارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬درجتين‭ ‬مئويتين،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬لعدم‭ ‬الزيادة‭ ‬المتوقعة‭ ‬عن‭ ‬1,5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭. ‬ونص‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تقليص‭ ‬هذه‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬غير‭ ‬المرفق‭ ‬بأنظمة‭ ‬احتجاز‭ ‬الكربون‭. ‬وبعد‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬توقيعه،‭ ‬جاءت‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬الأسبق‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬جلاسجو‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية‮»‬،‭ ‬باحتمال‭ ‬اختفاء‭ ‬مدن‭ ‬بأكملها،‭ ‬كـ«ميامي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬و‮«‬شنغهاي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

ويعد‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬‮«‬الفحم‭ ‬والنفط‭ ‬والغاز‮»‬‭ -‬إنتاجًا‭ ‬واستهلاكًا‭- ‬أكبر‭ ‬مساهم‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬العالمي،‭ ‬إذ‭ ‬يمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75%‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬العالمية،‭ ‬وحوالي‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬انبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭. ‬وتواجد‭ ‬هذه‭ ‬الغازات‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬يحبس‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس،‭ ‬فيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬ترتفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬وبمرور‭ ‬الوقت‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تغيرات‭ ‬من‭ ‬أنماط‭ ‬الطقس‭ ‬والتوازن‭ ‬الطبيعي‭ ‬المعتاد،‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬مخاطر‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬وجميع‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬تعد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تُصدر‭ ‬انبعاثات‭ ‬كربونية‭ ‬بحسب‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد،‭ ‬وقد‭ ‬شكلت‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬عن‭ ‬مسؤولية‭ ‬إنتاج‭ ‬واستهلاك‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية؛‭ ‬‮«‬عامل‭ ‬ضغط‮»‬،‭ ‬مستمرا‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمي،‭ ‬وفيما‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬النفط‭ ‬مصدر‭ ‬الدخل‭ ‬الرئيسي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الخليجية،‭ ‬فقد‭ ‬أخذت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬مسؤولية‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬‮«‬الحياد‭ ‬الكربوني‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬والاستعداد‭ ‬الجاد‭ ‬لعصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النفط‭.‬

وبعد‭ ‬استضافة‭ ‬‮«‬مصر‮»‬‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬المناخ‭ ‬27‮»‬،‭ ‬تستضيف‭ ‬الإمارات‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬28‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ (‬30‭ ‬نوفمبر–12‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬يتولى‭ ‬رئاستها‭ ‬‮«‬سلطان‭ ‬الجابر‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الصناعة‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬النفط‭ ‬الحكومية‭ (‬أدنوك‭)‬‮»‬،‭ ‬والمؤسس‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬مصدر‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة‮»‬‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬والمشرف‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬في‭ (‬أدنوك‭) ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إقرارها‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬وفيما‭ ‬تشهد‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬المناخ‭ ‬28‮»‬،‭ ‬أول‭ ‬تقييم‭ ‬لتعهدات‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬2015،‭ ‬تتعهد‭ ‬الإمارات‭ -‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬مصادقة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭- ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬صفر‭ ‬انبعاثات‭ ‬كربونية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭.‬

وللوصول‭ ‬لهذا‭ ‬الهدف،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬رصدت‭ ‬استثمارات‭ ‬تتخطى‭ (‬160‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬باستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬وإجراءات‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم،‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تراعي‭ ‬فيه‭ ‬احتياجات‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭. ‬وتشمل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الفردي‭ ‬والمؤسسي‭ ‬بنسبة‭ ‬40%،‭ ‬ورفع‭ ‬مساهمة‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬في‭ ‬إجمالي‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬المنتجة‭ ‬إلى‭ ‬50%؛‭ ‬منها‭ ‬44%‭ ‬الطاقة‭ ‬متجددة،‭ ‬و6%‭ ‬طاقة‭ ‬نووية،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء‭ ‬بنسبة‭ ‬70%‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الـ30‭ ‬المقبلة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أطلقت‭ (‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬2017–2050‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬باشرت‭ ‬تنفيذ‭ ‬14‭ ‬مشروعا،‭ ‬منها‭ ‬مشروعات‭ ‬التقاط‭ ‬وتخزين‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‮»‬،‭ ‬واستخدام‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬والنقل‭ ‬الجماعي‭ ‬وتدوير‭ ‬النفايات‭.‬

وفي‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬أعلنت‭ ‬السعودية‭ -‬أكبر‭ ‬مُصدر‭ ‬للنفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬العالم‭- ‬خطة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬2060،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نهج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬للكربون؛‭ ‬أي‭ ‬‮«‬تقليل‭ ‬انبعاثاته،‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدامه‭ ‬وتدويره‭. ‬ويتم‭ ‬التقاط‭ ‬الكربون‭ ‬عبر‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاستشعار،‭ ‬وعبر‭ ‬فلاتر‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬التكرير،‭ ‬وعبر‭ ‬أجهزة‭ ‬حرق‭ ‬الغاز‭ ‬المصاحب‮»‬،‭ ‬وبما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬خطط‭ ‬البلاد‭ ‬التنموية،‭ ‬وتمكين‭ ‬تنوعها‭ ‬الاقتصادي‭. ‬وكان‭ ‬الإعلان‭ ‬السعودي‭ ‬سابقًا‭ ‬لقمة‭ ‬‮«‬جلاسكو‭ ‬للمناخ‮»‬،‭ ‬وجاء‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬النسخة‭ ‬الأولى‭ ‬لمبادرة‭ ‬السعودية‭ ‬الخضراء،‭ ‬وإطلاق‭ ‬مبادراتها‭ ‬النوعية‭ ‬بقيمة‭ (‬700‭ ‬مليار‭ ‬ريـال‭)‬،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬سعت‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تخفيض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬بمقدار‭ (‬278‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭) ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تخفيضًا‭ ‬طوعيًا‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬مستهدفات‭ ‬المملكة‭ ‬المعلنة‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تخفيض‭ ‬الانبعاثات‭. ‬

واستمرارا،‭ ‬أعلن‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬عن‭ ‬تخصيص‭ ‬المملكة‭ (‬2,5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭) ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأخضر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وتبكير‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬للمملكة‭ ‬ليكون‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬باستثمارات‭ ‬تتجاوز‭ (‬180‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭).‬ومنذ‭ ‬2015‭ ‬تبنت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬مشروعات‭ ‬لالتقاط‭ ‬الكربون‭ ‬وتخزينه‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬منع‭ ‬انبعاثه‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬ليعاد‭ ‬استخدامه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬منتجات‭ ‬تجارية،‭ ‬مثل‭ ‬الكيماويات‭ ‬والأسمدة‭ ‬والوقود‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أرامكو‮»‬‭ ‬ببناء‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التقاط‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الحوبة،‭ ‬يقوم‭ ‬باستخلاص‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعب‭ ‬يوميًا‭ ‬من‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬ومعالجته،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سابك‮»‬،‭ ‬بجمع‭ ‬الكربون‭ ‬وتخزينه‭ ‬وتصنيعه،‭ ‬ويقوم‭ ‬مصنعها‭ ‬بجمع‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬مواد‭ ‬ومنتجات‭ ‬صناعية‭.‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬ذاته،‭ ‬أعلن‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬وضع‭ ‬هدف‭ ‬وصول‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2060‭. ‬وخلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للاستدامة‮»‬‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2023،‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لبنك‭ ‬‮«‬استاندرد‭ ‬تشارترد‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬و‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البنك‭ ‬يخطط‭ ‬لاستثمار‭ (‬300‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭) ‬لمساعدة‭ ‬عملائه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الحياد‭ ‬الكربوني‮»‬،‭ ‬شاملة‭ ‬البحرين‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬58‭ ‬سوقًا‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬لجعل‭ ‬المملكة‭ ‬نموذجًا‭ ‬يحتذى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬وباقي‭ ‬الصناعات،‭ ‬وفي‭ ‬مطلع‭ ‬العالم‭ ‬الماضي‭ ‬وقعت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إلبا‮»‬‭ ‬عقد‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميتسوبيشي‮»‬‭ ‬اليابانية‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإنتاج‭ ‬معدوم‭ ‬الكربون‭.‬

وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬وقعت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬قطر‭ ‬للطاقة‮»‬،‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬مع‭ ‬‮«‬جنرال‭ ‬إلكتريك‮»‬،‭ ‬لتطوير‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لاحتجاز‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتطوير‭ ‬منشأة‭ ‬مركزية‭ ‬تعمل‭ ‬بمقاييس‭ ‬عالمية‭ ‬لاحتجاز‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬رأس‭ ‬لفان‮»‬‭ ‬الصناعية،‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬توربينا‭ ‬تعمل‭ ‬بالغاز‭. ‬وكانت‭ ‬الشركة‭ ‬قد‭ ‬أطلقت‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬المحدثة‭ ‬للاستمرار‭ ‬بمبادرات‭ ‬متعددة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬تعمل‭ ‬بتقنية‭ ‬التقاط‭ ‬واحتجاز‭ ‬الكربون،‭ ‬لاحتجاز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬منه‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬2035‭. ‬وتعمل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬كميات‭ ‬الكربون‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬منشآت‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬35%،‭ ‬ومنشآت‭ ‬التنقيب‭ ‬والإنتاج‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬25%،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬التزام‭ ‬قطر‭ ‬بإنتاج‭ ‬غاز‭ ‬طبيعي‭ ‬أنظف،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬مشروع‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬بها‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬2024‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬أعلن‭ ‬السلطان‭ ‬‮«‬هيثم‭ ‬بن‭ ‬طارق‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬التزام‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الصفري‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطة‭ ‬وطنية‭ ‬تشكل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬السلطنة‭ ‬2040‭. ‬وتنفيذًا‭ ‬لذلك،‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬عُمان‭ ‬للاستدامة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإشراف‭ ‬ومتابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬وبرامج‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية،‭ ‬فيما‭ ‬أظهرت‭ ‬الأجواء‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تأثرها‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬الأعاصير‭ ‬والسيول‭ ‬الجارفة،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬السلطنة‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الداعمين‭ ‬لمشاريع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬والتغيرات‭ ‬السلبية‭. ‬ويقود‭ ‬إنتاج‭ ‬‮«‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‮»‬،‭ ‬مسيرة‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني،‭ ‬ولدى‭ ‬حضورها‭ ‬‮«‬كوب‭ ‬27‮»‬،‭ ‬دشنت‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحياد‭ ‬الصفري،‭ ‬والسياسة‭ ‬الوطنية‭ ‬البيئية،‭ ‬كما‭ ‬طرحت‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭.‬

ودعما‭ ‬لهذه‭ ‬الخطوات،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬لدى‭ ‬حضورها‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬كوب‭ ‬27‮»‬،‭ ‬مستهدفها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬في‭ ‬2050‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وفي‭ ‬2060‭ ‬للصناعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬فيما‭ ‬التزمت‭ ‬بتنفيذ‭ ‬كل‭ ‬تعهداتها‭ ‬منذ‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬المناخ‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬1992،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬بتنفيذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وتقليل‭ ‬الانبعاثات،‭ ‬ومثّل‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬الطاقة،‭ ‬ومحطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬تخفيضًا‭ ‬لأحد‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬الانبعاث‭ ‬للفرد‭ ‬الواحد‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

وتأتي‭ ‬خطوات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬مواصلة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬سوف‭ ‬تساعدها‭ ‬على‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الإنتاج‭ ‬ومواجهة‭ ‬الانبعاثات‭. ‬ويقصد‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الأخضر؛‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة،‭ ‬عبر‭ ‬استهلاك‭ ‬وإنتاج‭ ‬مستدام،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬كفاءة‭ ‬الموارد‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ ‬والغازات‭ ‬الدفيئة،‭ ‬مقابل‭ ‬كل‭ ‬وحدة‭ ‬منتجة‭ ‬أو‭ ‬خدمة،‭ ‬فمع‭ ‬إطلاق‭ ‬هدف‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إعلان‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬خططًا‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬المتجددة‭ ‬مثل،‭ ‬الهيدروجين،‭ ‬وتعديل‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة،‭ ‬والانضمام‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬بشأن‭ ‬الميثان‭ ‬والذي‭ ‬يستهدف‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬الميثان‭ ‬بنسبة‭ ‬30%‭.‬

ووفق‭ ‬هذا‭ ‬المعنى،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الحياد‭ ‬الكربوني‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬إذ‭ ‬يظلان‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولكن‭ ‬الهدف‭ ‬منه،‭ ‬تحرير‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬هنا‭ ‬التلازم‭ ‬ضروريا‭ ‬بين‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاستثمارات‭ ‬النفطية‭ ‬لتطوير‭ ‬الإنتاج،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬للاستخدام‭ ‬الصناعي،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬تركها‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يستمر‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لعقود‭ ‬كثيرة‭ ‬مقبلة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تلبي‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7%‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬خطط‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬يقوم‭ ‬تمويلها‭ ‬على‭ ‬متحصلات‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭. ‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأممي‭ ‬نحو‭ ‬عدم‭ ‬زيادة‭ ‬الاحترار‭ ‬العالمي‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬1,5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬إنما‭ ‬يتم‭ ‬أساسًا‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭ ‬لالتزاماتها،‭ ‬وتعاونها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬بتوفير‭ ‬الحلول‭ ‬التكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page