top of page

17/12/2022

قراءة في زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية

شهد‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬زيارة‭ ‬قادة‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاديين‭ ‬وقوى‭ ‬جيوسياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬لعقد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬والاجتماعات؛‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮"‬جو‭ ‬بايدن‮"‬،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو،‭ ‬تلاها‭ ‬توجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬‮"‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬ديسمبر‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬الرئيسين‭ ‬التقى‭ ‬بقادة‭ ‬خليجيين‭ ‬وعرب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السياقات‭ ‬المحيطة‭ ‬بالزيارتين‭ ‬كانت‭ ‬‮"‬متباينة‭ ‬تمامًا‮"‬،‭ ‬فبينما‭ ‬تعرض‭ ‬‮"‬بايدن‮"‬،‭ ‬وقتها‭ ‬لضغوط‭ ‬لاستعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬المتوترة‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬القدامى؛‭ ‬رأى‭ ‬‮"‬بن‭ ‬بارتنشتاين‮"‬،‭ ‬و"سيلفيا‭ ‬ويستال‮"‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮"‬بلومبرج‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬‮"‬بينغ‮"‬،‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮"‬استعراضًا‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬العميقة‭ ‬مع‭ ‬بكين‮"‬‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭. ‬وعلق‭ ‬‮"‬آرون‭ ‬ميلر‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮"‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮"‬الاحتفاء‭ ‬الودود‮"‬،‭ ‬خلال‭ ‬الترحيب‭ ‬به،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮"‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬للرياض‮"‬،‭ ‬و"أكبر‭ ‬مُصدر‭ ‬للنفط‭ ‬لبكين"؛‭ ‬مصران‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تعميق‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬‮"‬مايكل‭ ‬سينغ‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬‮"‬بكين‮"‬،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يمثل‭ ‬‮"‬تحديًا‭ ‬كبيرًا‮"‬،‭ ‬لأهداف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬إدراك‭ ‬أن‭ ‬‮"‬الحقبة‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬تنافس‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬ليست‭ ‬بنفس‭ ‬طبيعة‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬وأنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لخلق‭ ‬سبل‭ ‬‮"‬أكثر‭ ‬ملاءمة‮"‬،‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬القدامى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮"‬الولايات‭ ‬المتحدة‮"‬،‭ ‬الداعم‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬الخارجي‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬للخليج،‭ ‬فقد‭ ‬تحول‭ ‬التركيز‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للمنطقة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬الشرق،‭ ‬حيث‭ ‬شكلت‭ ‬مبيعات‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬‮"‬بكين‮"‬،‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮"‬فيفيان‭ ‬نيريم‮"‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬نيويورك‭ ‬تايمز‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬السعودية،‭ ‬شهدت‭ ‬‮"‬تناميًا‭ ‬سريعًا‮"‬‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬‮"‬مبيعات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ومشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‮"‬،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬أخرى‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ"ميلر‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬التركيز‭ ‬الأساسي‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬عليها‭ ‬‮"‬واشنطن‮"‬،‭ ‬الآن‭ ‬أكثر،‭ ‬يمثل‭ ‬‮"‬حافزًا‭ ‬إضافيًا‮"‬،‭ ‬لدول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ومنها‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬تفضل‭ ‬‮"‬العلاقة‭ ‬غير‭ ‬المرتبطة‭ ‬بشروط‮"‬،‭ ‬و"الخالية‭ ‬من‭ ‬التدخل‮"‬‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تنتهجه‭ ‬بكين‭.‬

واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬أسفرت‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬ديسمبر‭ -‬والتي‭ ‬وصفتها‭ ‬‮"‬الخارجية‭ ‬الصينية‮"‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮"‬أكبر‭ ‬وأعلى‭ ‬مستوى‭ ‬دبلوماسي‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‮"‬‭- ‬عن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬والاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الخليجيين‭ ‬والعرب‭ ‬في‭ ‬السعودية‭. ‬وبدت‭ ‬أوجه‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬وزيارة‭ ‬‮"‬بايدن‮"‬‭ -‬المذكورة‭ ‬أعلاه‭- ‬واضحًا‭. ‬وذكر‭ ‬‮"‬ميلر‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬السعوديين‭ ‬رحبوا‭ ‬بالزعيم‭ ‬الصيني‭ ‬بـ"شكل‭ ‬رائع‮"‬،‭ ‬حيث‭ ‬تشابه‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬استقبالهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬

ومع‭ ‬حديث‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬زيارته‭ ‬تمت‭ ‬وسط‭ ‬‮"‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬تاريخي‮"‬،‭ ‬تجلت‭ ‬رغبة‭ ‬‮"‬بكين‮"‬‭ ‬في‭ ‬‮"‬تجديد‭ ‬أواصر‭ ‬الصداقة‮"‬‭ ‬بينها،‭ ‬وبين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬‮"‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‮"‬،‭ ‬مع‭ ‬الرياض،‭ ‬والتي‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬فايننشال‭ ‬تايمز‮"‬،‭ ‬أنها‭ ‬تتضمن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬34‭ ‬صفقة‭ ‬استثمارية‭ ‬في‭ ‬قطاعي‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والطاقة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬مشتركة‭ ‬مدتها‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭. ‬وأضافت‭ ‬‮"‬نيريم‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬‮"‬بكين‮"‬‭ ‬أشارت‭ ‬علنًا‭ ‬إلى‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬توثيق‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إرسال‭ ‬رواد‭ ‬فضاء‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الصينية‭ ‬الجديدة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬نيويورك‭ ‬تايمز‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬استمرت‭ ‬‮"‬بكين‮"‬،‭ ‬‮"‬في‭ ‬استيراد‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮"‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الزيادات‭ ‬المخطط‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬استيراد‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياتها‭ ‬لمدى‭ ‬من‭ ‬‮"‬ثلاث‭ ‬إلى‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬مقبلة‮"‬‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وأضاف‭ ‬‮"‬جون‭ ‬جامبريل‮"‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮"‬أسوشيتيد‭ ‬برس‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني،‭ ‬تعهد‭ ‬أيضًا‭ ‬بتجنب‭ ‬‮"‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونهم‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬‮"‬سيجعل‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬اهتمام‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬قد‭ ‬‮"‬تتضاءل‮"‬‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭. ‬

وفي‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أشار‭ ‬المحللون‭ ‬الغربيون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬حماس‭ ‬‮"‬شي‮"‬،‭ ‬المعلن‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬بورصة‭ ‬‮"‬شنغهاي‭ ‬للبترول،‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‮"‬‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬الطاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬واستخدام‭ ‬العملة‭ ‬الصينية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬المعاملات،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬رأت‭ ‬فيه‭ ‬‮"‬نيريم‮"‬،‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يهدد‭ ‬الدولار‭ ‬كعملة‭ ‬تقليدية،‭ ‬مستخدمة‭ ‬في‭ ‬مبيعات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬العالمية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬‮"‬التفوق‭ ‬العالمي‮"‬،‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬الدولي‭ ‬لهذه‭ ‬التجارة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أسفرت‭ ‬القمم‭ ‬والاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬الخليج‭ ‬عن‭ ‬‮"‬حراك‭ ‬سياسي‮"‬‭. ‬وأعلنت‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬لإنشاء‭ ‬‮"‬منتدى‮"‬‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬حول‭ ‬الاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للطاقة‭ ‬النووية،‭ ‬والمخاوف‭ ‬الأمنية‭ ‬المحيطة‭ ‬بهذا‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬رأى‭ ‬‮"‬ميللر‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬التحسن‭ ‬المطرد‭ ‬للعلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الخليجية‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬‮"‬مرحلة‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‮"‬،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬‮"‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬أخرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬التوازن،‭ ‬والتعويض‭ ‬عن‭ ‬التراجع‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬أولويات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بشأن‭ ‬المنطقة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‮"‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تقويم‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬هو‭ ‬‮"‬الثقة‭ ‬المتزايدة‮"‬‭ ‬للرياض‭ ‬‮"‬للعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بدا‭ ‬جليًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرار‭ ‬‮"‬أوبك‭ ‬بلس‮"‬،‭ ‬خفض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬لعام‭ ‬2022‭ ‬رغم‭ ‬الضغوط‭ ‬الأمريكية‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والتحالف‭ ‬الغربي‭ ‬الأوسع،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬المراقبين‭ ‬والسياسيين‭ ‬من‭ ‬تعميق‭ ‬المشاركة‭ ‬الصينية‭ ‬داخل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬زيارة‭ ‬‮"‬بينغ‮"‬،‭ ‬للكثيرين‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬‮"‬واشنطن‮"‬،‭ ‬و"الرياض‮"‬،‭ ‬أعمق‭ ‬بكثير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المصالح‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة،‭ ‬حيث‭ ‬تحتاج‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬السعودي‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬التكنولوجي‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬يمثل‭ ‬إشكالية‭ ‬خاصة‭ ‬لواشنطن،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الصينية‭ ‬العملاقة‭ ‬‮"‬هواوي‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتناقض‭ ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬مع‭ ‬تحذير‭ ‬مبعوث‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬‮"‬بريت‭ ‬ماكغورك‮"‬،‭ ‬بأن‭ ‬الشراكات‭ ‬‮"‬مع‭ ‬بكين‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‮"‬‭ ‬تخلق‭ ‬سقفًا‭ ‬محددًا،‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬‮"‬بشأن‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮"‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬مازالوا‭ ‬يتوقعون‭ ‬استمرار‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والخليج،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تراجع؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬‮"‬توفيا‭ ‬جيرينج‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تقر‭ ‬بأن‭ ‬‮"‬سلامها‭ ‬وأمنها‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‮"‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮"‬بكين‭ ‬إما‭ ‬غير‭ ‬قادرة،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬راغبة‮"‬‭ ‬في‭ ‬تبوؤ‭ ‬مكانة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮"‬نيسا‭ ‬فيلتون‮"‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮"‬جينيس‭ ‬إنتل‭ ‬تراك‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬توافق‭ ‬الرؤى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬التصويت‭ ‬العديدة‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‮"‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬السعي‭ ‬وراء‭ ‬‮"‬المبادرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المشتركة‮"‬‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والخليج،‭ ‬مازالت‭ ‬تمثل‭ ‬‮"‬إشكالية‭ ‬محتملة‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬العلاقات‭ ‬المعززة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬واشنطن،‭ ‬أدرك‭ ‬المعلقون‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬الأخرى،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬متوازنة،‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬لها‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التقدم‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والمصالح‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭. ‬وبينما‭ ‬كتب‭ ‬‮"‬سينغ‮"‬،‭ ‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬تبنت‭ ‬بوضوح‭ ‬‮"‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬ثنائية‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‮"‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي،‭ ‬الأمير‭ ‬‮"‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‮"‬،‭ ‬إنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمنظور‭ ‬الرياض،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬التورط‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬أمر‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‮"‬،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬لها‭ ‬‮"‬مصالح‮"‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮"‬الغرب‮"‬،‭ ‬و"الشرق‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬انتقد‭ ‬‮"‬جيرينج‮"‬،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮"‬لمحاولتها‭ ‬تقييد‮"‬‭ ‬تفاعلات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬‮"‬وإجبارها‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬ليست‭ ‬لهم‭ ‬فيها‭ ‬ناقة‭ ‬ولا‭ ‬جمل‮"‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮"‬جون‭ ‬ألترمان‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮"‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تشعر‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬واشنطن،‭ ‬‮"‬بنفس‭ ‬الطريقة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وأنها‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬يمنحها‭ ‬فوائد‭ ‬عدة‮"‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى"سينغ‮"‬،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬استعداد‭ ‬‮"‬الولايات‭ ‬المتحدة‮"‬‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬‮"‬الشريك‭ ‬الأمني‭ ‬الأقوى‮"‬‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬الصين‮"‬،‭ ‬تظل‭ ‬الشريك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأكبر‮"‬‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬الاثنتين‭ ‬‮"‬أمرًا‭ ‬مكلفًا‮"‬‭ ‬وعليه،‭ ‬أوصى‭ ‬بتبني‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬بـ"المحاذاة‭ ‬الشاملة‮"‬،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬كأداة‭ ‬تحوط‭ ‬ضد‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التنبؤ‭ ‬بسلوك‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬خلص‭ ‬‮"‬جيرينج‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬‮"‬شي‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬‮"‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬شركائها‭ ‬الخارجيين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شؤون‭ ‬التجارة،‭ ‬والمصالح‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وأنها‭ ‬‮"‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لأية‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬معهم‮"‬‭ ‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬اعتبر‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬انعكاس‭ ‬لواقع‭ ‬تتعزز‭ ‬فيه‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والخليج،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر،‭ ‬‮"‬جوناثان‭ ‬فولتون‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮"‬،‭ ‬فإنها‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬‮"‬رد‭ ‬على‭ ‬رحلة‭ ‬بايدن‮"‬‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬‮"‬رد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬الزلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتصورة‮"‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخليج‭ ‬حيال‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها،‭ ‬ولكن‭ ‬‮"‬الصورة‭ ‬الأكبر‭ ‬والأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للاهتمام‮"‬،‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬والخليج‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬التعمق‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬وسط‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المشتركة‭. ‬

وبالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التقييم،‭ ‬رأت‭ ‬‮"‬إلين‭ ‬والد‮"‬،‭ ‬من‭ ‬‮"‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬تعكس‭ ‬‮"‬التقدم‭ ‬الطبيعي‭ ‬للعلاقة‭ ‬الصينية‭ ‬السعودية‮"‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬‮"‬ألترمان‮"‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬‮"‬لمواصلة‭ ‬الاتجاه،‭ ‬‮"‬نحو‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تأكيدها‭ ‬على‭ ‬‮"‬تصحيح‭ ‬المسار‮"‬،‭ ‬الواضح‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وتقليل‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الأمريكية‭.‬

في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬التقى‭ ‬‮"‬بينغ‮"‬،‭ ‬أيضا‭ ‬بقادة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وتحدث‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واصفا‭ ‬حلها‭ ‬بأنه‭ ‬حل‭ ‬‮"‬حيوي‮"‬‭ ‬للسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮"‬‭. ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التنديد‭ ‬العلني‭ ‬باحتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والانتهاكات‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين،‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬‮"‬الظلم‭ ‬التاريخي‮"‬،‭ ‬‮"‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‮"‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬‮"‬بكين‮"‬،‭ ‬تؤكد‭ ‬مجددًا‭ ‬أن‭ ‬مطالبة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بدولة‭ ‬مستقلة‭ ‬‮"‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نقضه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‮"‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬جاءت‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬‮"‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬‮"‬جو‭ ‬بايدن‮"‬‭ ‬خلال‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬حيث‭ ‬رأى‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬المتوترة‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬أتاحت‭ ‬فرصة‭ ‬أكبر‭ ‬لبكين‭ ‬للتقدم‭ ‬وخدمة‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬تتبع‭ ‬الأساس‭ ‬التقليدي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الخليجية،‭ ‬وهو‭ ‬تعزيز‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي؛‭ ‬فإن‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬قمة‭ ‬متعددة‭ ‬وشراكات‭ ‬ثنائية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬السياسية،‭ ‬وأوجه‭ ‬التعاون‭ ‬أيضا،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يمثل‭ ‬معضلة‭ ‬واضحة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وعليه،‭ ‬فبينما‭ ‬يرى‭ ‬‮"‬ميللر‮"‬‭ ‬أن‭ ‬علاقات‭ ‬‮"‬الرياض‮"‬‭ ‬و"واشنطن‮"‬،‭ ‬‮"‬ليست‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانهيار‮"‬،‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮"‬الشريك‭ ‬البارز‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتعاون‭ ‬الأمني‭ ‬والاستخباراتي‮"‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوصى‭ ‬‮"‬جيرينج‮"‬،‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بأن‭ ‬‮"‬تولي‭ ‬اهتمامًا‭ ‬أكبر‭ ‬لمصالح‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‮"‬،‭ ‬تجنبًا‭ ‬‮"‬لمواجهة‭ ‬محاولات‭ ‬الصين‭ ‬لتقويض‭ ‬التحالفات‭ ‬الإقليمية‮"‬،‭ ‬فيما‭ ‬حثها‭ ‬‮"‬سينغ‮"‬،‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬‮"‬استراتيجية‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‮"‬‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة،‭ ‬إزاء‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬اعترافها‭ ‬بوجود‭ ‬‮"‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‮"‬،‭ ‬تُمنح‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬لاختيار‭ ‬شركائها‭ ‬الخارجيين‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والأمن‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page