top of page

24/11/2022

هل يعود "ترامب" إلى "البيت الأبيض" من جديد؟

منذ‭ ‬خسارته‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2020‭ ‬أمام‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬تجنب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬النهج‭ ‬التقليدي‭ ‬لقادة‭ ‬العالم‭ ‬السابقين‭ ‬بالعودة‭ ‬بهدوء‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية،‭ ‬وكتابة‭ ‬المذكرات،‭ ‬وتقديم‭ ‬الحكمة‭ ‬لخلفائهم‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬واصل‭ ‬تنظيم‭ ‬مسيرات‭ ‬وتجمعات‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬زاعما‭ ‬أن‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬قد‭ ‬زورت،‭ ‬كما‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬القانونية،‭ ‬أبرزها‭ ‬تحقيق‭ ‬وزارة‭ ‬العدل،‭ ‬حول‭ ‬احتفاظه‭ ‬بمعلومات‭ ‬سرية‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬شعوره‭ ‬بالاستياء‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬خسارته‭ ‬السلطة،‭ ‬كتبت‭ ‬سوزان‭ ‬غلاسر،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬نيويوركر،‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لم‭ ‬يفاجئ‭ ‬أحدا‭ ‬بإعلانه‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬محاولته‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬وسعيًا‭ ‬إلى‭ ‬ترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬له،‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬أي‭ ‬سياسات‭ ‬أو‭ ‬أجندات‭ ‬جديدة،‭ ‬بل‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬شعاره‭ ‬‮"‬اجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮"‬،‭ ‬لكسب‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬رصيده‭ ‬السياسي‭ ‬مؤخرًا‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬عقب‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬النصفية‭ ‬المخيبة‭ ‬للآمال،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬طموحات‭ ‬ترامب‭ ‬السياسية،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منافسًا‭ ‬قويا،‭ ‬قبل‭ ‬تأمين‭ ‬ترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬له،‭ ‬ثم‭ ‬استطاع‭ ‬هزيمة‭ ‬منافسته‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬يشير‭ ‬المحللون‭ ‬واستطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬احتمالات‭ ‬نجاحه‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬منصبه،‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي؛‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المبكرة‭ ‬أن‭ ‬يُستبعد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬السباق‭ ‬الرئاسي‭.‬

وعند‭ ‬إعلانه‭ ‬ترشيحه‭ ‬لإعادة‭ ‬انتخابه،‭ ‬أعلنت‭ ‬لورين‭ ‬فيدور،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬ترامب،‭ ‬أطلق‭ ‬شرارة‭ ‬البداية‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2024‭. ‬وفي‭ ‬كلمته،‭ ‬أعلن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعودتها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬ووصفت‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬محاولته‭ ‬الترشح‭ ‬بأنها‭ ‬للانتقام‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭. ‬وأكدت‭ ‬غلاسر،‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬نادم‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬السياسي،‭ ‬الذي‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬قبول‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وأنه‭ ‬متحد‭ ‬ومصمم‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬طريقه،‭ ‬وترديد‭ ‬مزاعمه‭ ‬بشأن‭ ‬تزوير‭ ‬الانتخابات‭ ‬لصالح‭ ‬منافسيه‭.‬

وقبل‭ ‬الإعلان‭ ‬رسميًا‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬إجماع‭ ‬على‭ ‬تضاؤل‭ ‬مستويات‭ ‬دعمه‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭. ‬وأشارت‭ ‬فيدور،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬خسارة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مرشحيه‭ ‬لمجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشيوخ‭ ‬أمام‭ ‬منافسيهم‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬وهي‭ ‬الهزائم‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬أنها‭ ‬شجعت‭ ‬مجموعة‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬للمطالبة‭ ‬بتنحيه‭.‬

وعلى‭ ‬خلفية‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث،‭ ‬أشارت‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجمهوريين‭ ‬خسروا‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفي‭ ‬لعام‭ ‬2018،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬ترامب،‭ ‬وخسروا‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬بينما‭ ‬خسر‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬أبقى‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬حملات‭ ‬مرشحين‭ ‬مُبتدئين‭. ‬وأشار‭ ‬مايك‭ ‬ليليس،‭ ‬ومايكل‭ ‬شنيل،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬ذا‭ ‬هيل،‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الذين‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬ترددهم‭ ‬في‭ ‬دعمه‭ ‬علنًا،‭ ‬أو‭ ‬الانفتاح‭ ‬لدعم‭ ‬مرشح‭ ‬آخر،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬

وفي‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية،‭ ‬قامت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬بوست‭ -‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الداعمين‭ ‬لترامب‭- ‬بمهاجمته‭ ‬عبر‭ ‬تصويره‭ ‬على‭ ‬غلافها‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬ساخر‭. ‬وبالمثل،‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬بأنه‭ ‬الخاسر‭ ‬الأكبر‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬سجله‭ ‬المثالي‭ ‬في‭ ‬الهزائم‭ ‬الانتخابية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2016‭. ‬وكتب‭ ‬دان‭ ‬ماكلولين،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬ناشيونال‭ ‬ريفيو،‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬فرصته‭ ‬قبل‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬كانت‭ ‬مواتية،‭ ‬فإن‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬ظهر‭ ‬منافسون‭ ‬محتملون‭ ‬لـ"ترامب‮"‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مايك‭ ‬بنس،‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬ولاري‭ ‬هوجان،‭ ‬حاكم‭ ‬ولاية‭ ‬ماريلاند،‭ ‬وغلين‭ ‬يونغكين،‭ ‬حاكم‭ ‬ولاية‭ ‬فرجينيا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أبرز‭ ‬منافس‭ ‬هو‭ ‬رون‭ ‬ديسانتيس،‭ ‬حاكم‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا،‭ ‬الذي‭ ‬أعيد‭ ‬انتخابه‭ ‬مؤخرًا‭. ‬وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬انتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفي،‭ ‬وجد‭ ‬استطلاع‭ ‬شركة‭ ‬يوجوف‭ ‬للناخبين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬أن‭ ‬42%‭ ‬يؤيدون‭ ‬ديسانتيس،‭ ‬مقابل‭ ‬35%‭ ‬يدعمون‭ ‬ترامب‭. ‬ويتضح‭ ‬الانقسام‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬الناخب‭ ‬الذي‭ ‬يلجأ‭ ‬إليه‭ ‬كل‭ ‬منهم؛‭ ‬فإن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬جمهوريين‭ ‬بشدة‭ ‬يفضلون‭ ‬ترامب،‭ ‬بنسبة‭ ‬45%،‭ ‬ويعطون‭ ‬ديسانتيس‭ ‬43%،‭ ‬بينما‭ ‬الذين‭ ‬يميلون‭ ‬فقط‭ ‬نحو‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬يؤيدون‭ ‬ديسانتيس،‭ ‬بنسبة‭ ‬45%،‭ ‬مقابل‭ ‬21%‭ ‬لترامب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬انتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفي،‭ ‬قد‭ ‬أضرت‭ ‬بالمخزون‭ ‬السياسي‭ ‬لترامب؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬روبي‭ ‬جرامر،‭ ‬وجاك‭ ‬ديتش،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬أصرا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قوة‭ ‬سياسية‭ ‬رئيسية‭. ‬وأكدت‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الصدارة‭ ‬لترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري؛‭ ‬بسبب‭ ‬ولاء‭ ‬أنصاره‭ ‬المتحمسين،‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬الاستهانة‭ ‬به‭.‬

وأوضحت‭ ‬غلاسر،‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مقتنعة‭ ‬بأن‭ ‬الجمهوريين‭ ‬سيفصلون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عن‭ ‬نفوذه،‭ ‬وأن‭ ‬المعارضة‭ ‬المنقسمة‭ ‬في‭ ‬مصلحته‭ ‬حاليا،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أرجعته‭ ‬إلى‭ ‬صدارة‭ ‬المشهد‭. ‬وخلصت‭ ‬ماجدة‭ ‬روج،‭ ‬وجيريمي‭ ‬شابيرو،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬سيحظى‭ ‬بترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مرشحًا‭ ‬متأثرًا‭ ‬بشعار‭ ‬‮"‬اجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى"؛‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬الترامبية‭ ‬لن‭ ‬تختفي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وعند‭ ‬تناول‭ ‬المبادرات‭ ‬السياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تنفيذها‭ ‬حال‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬المنصب‭ ‬مجددًا‭. ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إشارة‭ ‬إيما‭ ‬آشفورد،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬تقريبًا‭ ‬غير‭ ‬راغبين‭ ‬في‭ ‬إعطاء‭ ‬أولوية‭ ‬لقضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وراء‭ ‬تركيز‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2021؛‭ ‬فإنه‭ ‬يظل‭ ‬هناك‭ ‬يقين‭ ‬كامل‭ ‬ومتوقع‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تجلبه‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬التحالف‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي،‭ ‬والمنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وبالفعل،‭ ‬كرر‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬أثناء‭ ‬إعلانه‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬تصريحاته‭ ‬السابقة‭ ‬حول‭ ‬تصوراته‭ ‬لإدارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬والضعف‭ -‬على‭ ‬حد‭ ‬وصفه‭- ‬منتقدا‭ ‬وضعها،‭ ‬موضحا‭ ‬أنها‭ ‬تم‭ ‬الاستهزاء‭ ‬بها،‭ ‬وجعلها‭ ‬تجثو‭ ‬على‭ ‬ركبتيها،‭ ‬بصورة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل،‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬نهج‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ويسارية‭ ‬المتطرفين‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬فإن‭ ‬احتمالية‭ ‬عودة‭ ‬ترامب،‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬باتت‭ ‬مقلقة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬مع‭ ‬إشارة‭ ‬كريستوفر‭ ‬سكالوبا،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سيعيد‭ ‬تكرار‭ ‬نظرته‭ ‬المناهضة‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭. ‬وبشكل‭ ‬خاص،‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬وثيق‭ ‬الصلة‭ ‬بمستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬مع‭ ‬ملاحظة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جرامر،‭ ‬وديتش،‭ ‬أن‭ ‬حصول‭ ‬الجمهوريين‭ ‬على‭ ‬أغلبية‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬النصفية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬خلق‭ ‬قلقا‭ ‬متزايدا،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخفض‭ ‬مساعدتها‭ ‬لـ"كييف‮"‬‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬المناصرين‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬لشعار‭ ‬‮"‬اجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮"‬،‭ ‬دعوا‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬المساعدات‭ ‬بالفعل،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يعطون‭ ‬الأولوية‭ ‬لتعزيز‭ ‬صناعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬تجنب‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬التعليقات‭ ‬الانفعالية‭ ‬حول‭ ‬مساندة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فقد‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬بـ‮"‬التفاوض‭ ‬الفوري‭ ‬السلمي‮"‬؛‭ ‬لتجنب‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬اعتقاده‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أشخاصا‭ ‬في‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬يدركوا‭ ‬قوة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يتوقع‭ ‬المراقبون‭ ‬تكرار‭ ‬سياسات‭ ‬أعوام‭ ‬2017‭ ‬إلى‭ ‬2021،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وغياب‭ ‬المساءلة‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬ورفض‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لاحتواء‭ ‬الطموحات‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭. ‬فيما‭ ‬أشارت‭ ‬روج،‭ ‬وشابيرو،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتخاب‭ ‬إدارة‭ ‬جمهورية‭ ‬أخرى؛‭ ‬فإن‭ ‬كبار‭ ‬مسؤوليها،‭ ‬مثل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق،‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو،‭ ‬وسفيرة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السابقة‭ ‬نيكي‭ ‬هايلي،‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬المنصب،‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬قيادتها‭ ‬ووجودها‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وينبغي‭ ‬ترجمة‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬ردع‭ ‬قوية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تتيح‭ ‬عودة‭ ‬ترامب،‭ ‬للرئاسة‭ ‬احتمال‭ ‬إصلاح‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬والخليج‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اتسمت‭ ‬فيه‭ ‬فترة‭ ‬بايدن‭ ‬بالتوترات‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بشأن‭ ‬سياسة‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التوقعات‭ ‬أقل‭ ‬تفاؤلاً،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬رفض‭ ‬بايدن،‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬سلفه‭ ‬بنقل‭ ‬سفارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬وفشل‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وأعاد‭ ‬تأكيد‭ ‬الروابط‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتأثر،‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬عند‭ ‬زيارته‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬عام‭ ‬2022؛‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تأييدًا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬مستشهدًا‭ ‬بقرار‭ ‬نقل‭ ‬سفارة‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالسيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مرتفعات‭ ‬الجولان،‭ ‬وكونه‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬يزور‭ ‬حائط‭ ‬البراق‭. ‬وبهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬كتب‭ ‬آرون‭ ‬ميللر،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬لإحراز‭ ‬تقدم‭ ‬جاد‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬ترامب،‭ ‬ولعل‭ ‬عودته‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬يمينية‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬قوية‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التهميش‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬مساءلة‭ ‬أمريكية‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والإجراءات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬ترامب‭ ‬ترشحه‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬سباق‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬سنتين‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬حقًا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية‭ ‬أمريكية‭. ‬وأنه‭ ‬بحلول‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الثورات‭ ‬السياسية‭ ‬لبايدن،‭ ‬وترامب‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭ ‬عما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬مع‭ ‬ادعاء‭ ‬الأخير‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ملايين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬كانت‭ ‬رئاسة‭ ‬بايدن‭ ‬وقتًا‭ ‬مليئا‭ ‬بالآلام‭ ‬والمصاعب‭ ‬والقلق‭ ‬واليأس،‭ ‬فإن‭ ‬شبح‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة‭. ‬وكما‭ ‬أشارت‭ ‬روج‭ ‬وشابيرو،‭ ‬فإن‭ ‬المنافسات‭ ‬الضعيفة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفية،‭ ‬تُظهر‭ ‬مدى‭ ‬استمرار‭ ‬الانقسام‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تشير‭ ‬ضمنيًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انتخابات‭ ‬2024‭ ‬الرئاسية،‭ ‬ستكون‭ ‬المنافسة‭ ‬بها‭ ‬محدودة،‭ ‬أو‭ ‬ضيقة‭ ‬للغاية‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page