top of page

12/11/2022

"ملتقى البحرين للحوار بين الشرق والغرب".. وتعزيز قوة البحرين الناعمة

يشير‭ ‬مفهوم‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬إلى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإقناع‭ ‬والتأثير‭ ‬والجذب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إكراه‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬لأدوات‭ ‬القوة‭ ‬الخشنة،‭ ‬عسكرية‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭. ‬ومنذ‭ ‬غدت‭ ‬البحرين‭ ‬عضوًا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وهي‭ ‬تعمل‭ ‬بمهارة‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬عناصر‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬عمقها‭ ‬الحضاري،‭ ‬وريادتها‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والثقافة،‭ ‬وما‭ ‬امتلكته‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬مذهبي‭ ‬وديني‭ ‬وعرقي،‭ ‬وثقافة‭ ‬شعبية‭ ‬تتسم‭ ‬بعلو‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭.‬

ومن‭ ‬الثابت،‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬ملامح‭ ‬توظيف‭ ‬البحرين‭ ‬لقوتها‭ ‬الناعمة،‭ ‬كان‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬‮"‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮"‬،‭ ‬بعد‭ ‬عِقد‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬نيلها‭ ‬الاستقلال،‭ ‬كما‭ ‬برزت‭ ‬أيضا‭ ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إنشاء‭ ‬‮"‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‮"‬،‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬مقرًا‭ ‬لها،‭ ‬عقب‭ ‬الاجتماع‭ ‬الرابع‭ ‬للاتفاقية‭ ‬العامة‭ ‬للتعليم‭ ‬العربي‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬1979،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬أن‭ ‬اتخذت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬والمصارف‭ ‬العالمية‭ ‬منها‭ ‬مقرات‭ ‬إقليمية‭ ‬لها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬روافد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭.‬

ويعد‭ ‬‮"‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‮"‬،‭ ‬والذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬نوفمبر،‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬ثمار‭ ‬استثمار‭ ‬البحرين‭ ‬لقوتها‭ ‬الناعمة،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬عمل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬على‭ ‬تعزيزها‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬المسؤولية‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬بناء‭ ‬النموذج‭ ‬لدولة‭ ‬خليجية‭ ‬صغيرة‭ ‬محدودة‭ ‬الموارد،‭ ‬تتحول‭ ‬ديمقراطيًا،‭ ‬وتبني‭ ‬نموذجها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة،‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬النبيلة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك،‭ ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬من‭ ‬توليه‭ ‬الحكم،‭ ‬الشيخة‭ ‬‮"‬هيا‭ ‬بنت‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮"‬،‭ ‬رئيسًا‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2006‭.‬

وفي‭ ‬ترجمة‭ ‬فعلية،‭ ‬حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬تمثيل‭ ‬أتباع‭ ‬الديانات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬إيمانًا‭ ‬منه‭ ‬بأهمية‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬‮"‬دولة‭ ‬عصرية‮"‬،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬بحرينيون‭ ‬بالأساس،‭ ‬وأن‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬يعلو‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬دونه‭ ‬من‭ ‬انتماءات‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬طائفية،‭ ‬كما‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الاجتماع‭ ‬بالعلماء‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬وممثلي‭ ‬الديانات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬ليستمع‭ ‬إلى‭ ‬رؤاهم‭ ‬ومطالبهم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬احتفالاتهم،‭ ‬وسمح‭ ‬لكل‭ ‬أصحاب‭ ‬الديانات،‭ ‬بإنشاء‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأندية‭ ‬الدينية،‭ ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬مؤتمرات‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬المذاهب،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الدولية‭ ‬لحوار‭ ‬الحضارات‭ ‬2001،‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كما‭ ‬احتضنت‭ ‬المملكة‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسيحي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر2002،‭ ‬واستضافت‭ ‬مؤتمر‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2003‭. ‬

وانعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬تنظم‭ ‬المملكة‭ ‬سنويًّا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮"‬حوار‭ ‬المنامة‮"‬‭ ‬لدعم‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭. ‬وفي‭ ‬2005،‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬20‭) ‬الخاص‭ ‬بتنظيم‭ ‬عمل‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهدافه‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬قامت‭ ‬مدارس‭ ‬البحرين‭ ‬الحكومية‭ ‬بتدريس‭ ‬مادة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ضمن‭ ‬مناهجها‭ ‬الدراسية،‭ ‬ليتم‭ ‬بعدها‭ ‬تعميم‭ ‬مشروع‭ ‬المدارس‭ ‬المعززة‭ ‬للمواطنة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ليشمل‭ ‬جميع‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭. ‬

واستكمالا،‭ ‬استضافت‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2008،‭ ‬‮"‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‮"‬،‭ ‬والتقى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬‮"‬بابا‭ ‬الفاتيكان‮"‬‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2008،‭ ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬ملتقى‭ ‬حوار‭ ‬الأديان‭ ‬بمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بنيويورك‭. ‬ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬أصدرت‭ ‬‮"‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‮"‬،‭ ‬قرارًا‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2012‭ ‬بالترخيص‭ ‬وتسجيل‭ ‬الجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬للتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬قيد‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأندية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية؛‭ ‬بهدف‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬الديني‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬فيما‭ ‬احتضنت‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬2014‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮"‬الحضارات‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسانية‮"‬‭.‬

واستمرارًا‭ ‬لدورها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يموج‭ ‬بالصراعات؛‭ ‬كانت‭ ‬مبادرة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬بإطلاق‭ ‬‮"‬كرسي‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬الأكاديمي‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬ودراسات‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‮"‬،‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬‮"‬سابينزا‮"‬‭ ‬الإيطالية‭ ‬العريقة‭ - ‬تأسست‭ ‬عام‭ ‬1303‭- ‬ويستهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬عقول‭ ‬وقلوب‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬المعرفة‭ ‬والإلهام‭ ‬اللازمين‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭. ‬وتقدم‭ ‬التخصصات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكرسي‭: ‬دراسات‭ ‬دينية،‭ ‬تاريخ‭ ‬وانتروبيولوجيا،‭ ‬والوساطة‭ ‬الثقافية،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬باعتباره‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭. ‬

وفي‭ ‬2017،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬‮"‬إعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‮"‬،‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس؛‭ ‬لإعلان‭ ‬بداية‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬يجسد‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬ورؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ومفهومه‭ ‬للتعايش‭ ‬المشترك‭. ‬ويمثل‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬‮"‬مرجعا‭ ‬عالميا"؛‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬والتسامح،‭ ‬ويؤكد‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والمعتقد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أمر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2018،‭ ‬بإنشاء‭ ‬‮"‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‮"‬،‭ ‬والذي‭ ‬نظم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وتقدم‭ ‬البحرين‭ ‬بتاريخها‭ ‬الغني‭ ‬بقيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬والحرية‭ ‬الدينية‭ ‬كأنموذج‭. ‬

ولحرصها‭ ‬وتوجهها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لمد‭ ‬جسور‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب،‭ ‬ورموز‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬والإعلام؛‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬من‭ ‬3–‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬أعمال‭ ‬‮"‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬لحوار‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‮"‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬برعاية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ومشاركة‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الدكتور‭ ‬‮"‬أحمد‭ ‬الطيب‮"‬،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬و‮"‬البابا‭ ‬فرنسيس‮"‬،‭ ‬بابا‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬بالفاتيكان،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬وقادة‭ ‬وممثلي‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بالحوار‭ ‬والتعايش‭ ‬الإنساني‭ ‬والتسامح‭. ‬وامتدت‭ ‬فعاليات‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬إلى‭ ‬تجارب‭ ‬تعزيز‭ ‬التعايش‭ ‬العالمي‭ ‬والإخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬إلى‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬ودور‭ ‬رجال‭ ‬وعلماء‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬تحديات‭ ‬العصر،‭ ‬مثل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وأزمة‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‭. ‬وعلى‭ ‬هامش‭ ‬الملتقى‭ ‬أعلن‭ ‬الشيخ‭ ‬‮"‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮"‬،‭ ‬رئيس‭ ‬‮"‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية‮"‬‭ - ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭- ‬إنشاء‭ ‬‮"‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬الدولية‭ ‬للحوار‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‮"‬؛‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لأهمية‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬ودعمًا‭ ‬لكل‭ ‬جهود‭ ‬الخير‭ ‬والسلام‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دعت‭ ‬إليه‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية،‭ ‬وتنظمه‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مماثلة،‭ ‬أشار‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬لقاءاته‭ ‬مع‭ ‬‮"‬البابا‭ ‬فرنسيس‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬لإحياء‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬عبر‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬العدالة‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬نشر‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم،‭ ‬وتأكيد‭ ‬البحرين‭ ‬دومًا‭ ‬أهمية‭ ‬الشراكة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬الحوار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والسبل‭ ‬السلمية،‭ ‬كمدخل‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحروب‭ ‬والنزاعات،‭ ‬وانتهاج‭ ‬سبل‭ ‬التآخي‭ ‬والتفاهم‭ ‬واحترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬وحسن‭ ‬الجوار،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية،‭ ‬وأنها‭ ‬تدعو‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وبدء‭ ‬المفاوضات‭ ‬الجادة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تتأخر‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

وتأكيدا‭ ‬لهذا،‭ ‬نوه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بأن‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬بمراجعة‭ ‬وتجديد‭ ‬التزاماتها‭ ‬تجاه‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وتفادي‭ ‬التصعيد‭ ‬وتجنب‭ ‬المواجهات،‭ ‬وضرورة‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬العالمية‭ ‬للتصدي‭ ‬لموجات‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك‭ ‬والمنسجم‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬أي‭ ‬مشكلات‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬تحديث‭ ‬وتطوير‭ ‬التنظيم‭ ‬الدولي؛‭ ‬ليكون‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬وإنصافًا‭ ‬لجميع‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭.‬

وخلال‭ ‬جلسات‭ ‬المؤتمر،‭ ‬توافق‭ ‬المتحدثون‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تبني‭ ‬الممارسات‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمسؤولة‭ ‬لمبدأ‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة‭ ‬مستدام،‭ ‬لتفادي‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات،‭ ‬والتصدي‭ ‬للتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البشرية،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الدور‭ ‬الرائد‭ ‬الذي‭ ‬تضطلع‭ ‬به‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نشر‭ ‬دعائم‭ ‬السلام‭ ‬العالمي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬واحترام‭ ‬الأديان،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬النماذج‭ ‬والتجارب‭ ‬الإنسانية‭ ‬العالمية،‭ ‬وأضاف‭ ‬إلى‭ ‬عمقها‭ ‬الحضاري‭ ‬وتاريخها‭ ‬الإنساني‭ ‬الطويل‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬تأكيد‭ ‬أيضا‭ ‬احترام‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الدينية‭ ‬والمذهبية،‭ ‬والحرية‭ ‬الدينية،‭ ‬وتمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬غدت‭ ‬تحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عالميًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نسبة‭ ‬عدد‭ ‬المساجد‭ ‬ودور‭ ‬العبادة‭ ‬إلى‭ ‬المساحة‭ ‬وعدد‭ ‬السكان،‭ ‬وأنها‭ ‬حملت‭ ‬رسالة‭ ‬التعايش‭ ‬والسلام‭ ‬بكل‭ ‬حرص،‭ ‬لتكون‭ ‬منارة‭ ‬لبث‭ ‬هذه‭ ‬القيم،‭ ‬ومركزًا‭ ‬لمبادرات‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

وخلال‭ ‬المؤتمر،‭ ‬تم‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬يعد‭ ‬‮"‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‮"‬‭ ‬للعالم‭ ‬حاليًا،‭ ‬وأن‭ ‬‮"‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‮"‬،‭ ‬يعد‭ ‬‮"‬همزة‭ ‬وصل‮"‬،‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬‮"‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‮"‬،‭ ‬التي‭ ‬وقعها‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬و"بابا‭ ‬الفاتيكان‮"‬،‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬عام2019‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والرسالة‭ ‬العالمية‭ ‬للسلام‭ ‬‮"‬كلنا‭ ‬جميعًا‭ ‬أخوة‮"‬،‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬2020‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وأن‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‭ ‬يستوجب‭ ‬التزامًا‭ ‬محليًا‭ ‬وإقليميًا‭ ‬ودوليًا‭ ‬لنبذ‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬والتباعد‭ ‬والكراهية،‭ ‬فيما‭ ‬حذر‭ ‬الملتقى‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬خطر‭ ‬النزاعات‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬الإنساني،‭ ‬ووجوب‭ ‬التكاتف‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬والمدنية‭ ‬والحكومية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬للمؤامرات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬ضرب‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭.‬

وتبرز‭ ‬الدلالة‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية،‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬انعقاد‭ ‬الملتقى،‭ ‬وما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬توافقات،‭ ‬وحجم‭ ‬المشاركين‭ ‬فيه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭ ‬الناعمة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أنه‭ ‬تجمع‭ ‬عالمي‭ ‬مهم‭ ‬لقيادات‭ ‬دينية،‭ ‬وأصحاب‭ ‬فكر‭ ‬واختصاص؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العالم،‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬لكل‭ ‬الشعوب‭. ‬وأن‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬استضافتها‭ ‬لهذا‭ ‬الحدث‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬ودعوتها‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬للتحاور‭ ‬واستعدادها‭ ‬لبذل‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬لإقامة‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬وإنجاحه،‭ ‬تعزز‭ ‬بناء‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬عملت‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الراسخة‭ ‬لها،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬مكانًا‭ ‬مفضلاً‭ ‬للعيش‭ ‬فيه،‭ ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

وإدراكا‭ ‬لدورها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أكد‭ ‬سفير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬المنامة،‭ ‬خلال‭ ‬فعاليات‭ ‬الملتقى،‭ ‬إعجابه‭ ‬بالنموذج‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬البحرين،‭ ‬كبلد‭ ‬رسخ‭ ‬ثقافة‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح،‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬سفير‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬المنامة،‭ ‬أنها‭ ‬حققت‭ ‬‮"‬إنجازًا‭ ‬كبيرًا‮"‬،‭ ‬يشاد‭ ‬به‭ ‬عبر‭ ‬السنوات،‭ ‬بوصفها‭ ‬بلد‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وحرية‭ ‬الأديان‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أكد‭ ‬‮"‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‮"‬‭.. ‬حجم‭ ‬التقدير‭ ‬العالمي‭ ‬الكبير‭ ‬للبحرين،‭ ‬ولجهودها‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭ ‬والتعددية‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬غريبًا‭ ‬على‭ ‬المملكة‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بتقدير‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وفازت‭ ‬بعضوية‭ ‬‮"‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮"‬،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادي‭ ‬من‭ (‬2019–2021‭) ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭.‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يموج‭ ‬بالصراعات‭ ‬وتبدو‭ ‬فيه‭ ‬نذر‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة،‭ ‬وتبحث‭ ‬فيه‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن؛‭ ‬تستثمر‭ ‬البحرين‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة،‭ ‬ويأتي‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬صعب‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمناخ‭ ‬‮"‬كوب27‮"‬،‭ ‬في‭ ‬‮"‬شرم‭ ‬الشيخ‮"‬،‭ ‬بمصر؛‭ ‬ليكونا‭ ‬معًا‭ ‬نداء‭ ‬الجنوب‭: ‬‮"‬التعاون‭ ‬وليس‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬طريق‭ ‬الإنسانية‮"‬‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page