top of page

14/10/2022

دلالات تراجع «تراس» عن خططها الضريبية.. وجهة نظر غربية

بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬توليها‭ ‬المسؤولية،‭ ‬تواجه‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين،‭ ‬برئاسة‭ ‬ليز‭ ‬تراس،‭ ‬عاصفة‭ ‬سياسية،‭ ‬بشأن‭ ‬التغييرات‭ ‬المقترحة‭ ‬لقوانين‭ ‬الضرائب‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭. ‬وكشفت‭ ‬الميزانية‭ ‬المصغرة،‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬وزير‭ ‬الخزانة‭ ‬كواسي‭ ‬كوارتنج،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬لإلغاء‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ (‬45%‭) ‬من‭ ‬ضريبة‭ ‬الدخل‭ ‬المدفوعة‭ ‬على‭ ‬الأرباح‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬علق‭ ‬عليه‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬المساواة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يمثل‭ ‬أزمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬المعارضة‭ ‬عليها‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬خططها‭ ‬الضريبية،‭ ‬تراجعت‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬قرارها،‭ ‬مع‭ ‬إصرار‭ ‬كوارتنج‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تحدث‭ ‬إلى‭ ‬الناس،‭ ‬واستمع‭ ‬إليهم‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬اعتبر‭ ‬مارك‭ ‬لاندلر،‭ ‬وستيفن‭ ‬كاسل،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬الأمر‭ ‬تحولًا‭ ‬مهينًا،‭ ‬يترك‭ ‬أجندة‭ ‬تراس‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬يرثى‭ ‬لها،‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬مقاليد‭ ‬الأمور‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭. ‬

وشجع‭ ‬وضع‭ ‬الحكومة‭ ‬الحرج،‭ ‬تساؤل‭ ‬المراقبين‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬تراس‭ ‬السياسي،‭ ‬واحتمالات‭ ‬استيلاء‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬بقيادة‭ ‬كير‭ ‬ستارمر،‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬المقرر‭ ‬إجراؤها‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬أو‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭. ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬ستارمر،‭ ‬يتفوق‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬سنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬المحافظين‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬12‭ ‬عامًا‭ ‬بالحكومة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬القادمة‭.‬

ووفقا‭ ‬لـ‭ ‬لاندلر،‭ ‬وكاسل،‭ ‬فإن‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬الخفض‭ ‬الضريبي‭ -‬بما‭ ‬مجموعه‭ ‬45‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭- ‬أصبح‭ ‬يمثل‭ ‬عبئا‭ ‬سياسيا‭. ‬ومع‭ ‬فزع‭ ‬الأسواق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬وإلغاء‭ ‬زيادة‭ ‬مخططة‭ ‬في‭ ‬ضريبة‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬19‭ ‬إلى‭ ‬25،‭ ‬وانخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬الجنيه‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬قياسي‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار؛‭ ‬فقد‭ ‬تدخل‭ ‬بنك‭ ‬إنجلترا،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬السوق‭ ‬في‭ ‬استجابة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬للسياسة‭ ‬المالية‭ ‬الحكومية‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي،‭ ‬فإن‭ ‬تأكيد‭ ‬كوارتنج،‭ ‬أن‭ ‬الخطط‭ ‬الضريبية‭ ‬للحكومة‭ ‬سببت‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الاضطراب؛‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬القرارات،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬معدل‭ ‬تأييد‭ ‬تراس،‭ ‬من‭ -‬9‭ ‬إلى‭ -‬37‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬وعارض‭ ‬55‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬أداءها‭ ‬في‭ ‬القيادة‭. ‬وتعكس‭ ‬المعدلات‭ ‬المنخفضة‭ ‬لتأييدها،‭ ‬مقارنة‭ ‬بسلفها،‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون،‭ ‬أدنى‭ ‬رقم‭ ‬مسجل‭ ‬والذي‭ ‬يبلغ‭ (-‬42‭). ‬وأوضحت‭ ‬راشيل‭ ‬وولف،‭ ‬المستشارة‭ ‬السابقة‭ ‬لحزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬أجندة‭ ‬اقتصادية‭ ‬طموحة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفويض‭ ‬انتخابي‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬يعد‭ ‬كارثة‭ ‬سياسية،‭ ‬مع‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تصور‭ ‬أن‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء،‭ ‬تبدو‭ ‬غير‭ ‬مكترثة،‭ ‬بتكلفة‭ ‬أزمة‭ ‬المعيشة‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تواجه‭ ‬تراس،‭ ‬تمردًا،‭ ‬داخل‭ ‬حزبها‭ ‬أيضًا‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«لاندلر،‭ ‬وكاسل‮»‬،‭ ‬تم‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬التخفيضات‭ ‬الضريبية‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجنب‭ ‬تمرد‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭. ‬ووصف‭ ‬مايكل‭ ‬جوف،‭ ‬وزير‭ ‬شؤون‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق،‭ ‬الحكومة‭ ‬بأنها‭ ‬ليست‭ ‬محافظة،‭ ‬ورفض‭ ‬الميزانية‭ ‬المصغرة؛‭ ‬لأنها‭ ‬تتطلب‭ ‬زيادة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬الاقتراض‭ ‬الحكومي‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬النائب‭ ‬المحافظ،‭ ‬جورج‭ ‬فريمان،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬باعتباره‭ ‬أزمة‭ ‬خطيرة‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬مستقبل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬على‭ ‬المحك‭. ‬واتهمت‭ ‬سويلا‭ ‬برافرمان،‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية،‭ ‬بعض‭ ‬نواب‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬بالقيام‭ ‬بانقلاب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬لعكس‭ ‬خططها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وسجلت‭ ‬أيضًا‭ ‬خيبة‭ ‬أملها‭ ‬في‭ ‬تراس‭ ‬وكوارتنج،‭ ‬لامتثالهما‭ ‬لهذه‭ ‬المطالب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النائب‭ ‬المحافظ،‭ ‬مارك‭ ‬هاربر،‭ ‬قد‭ ‬دعا‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬الانضباط،‭ ‬والنواب‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الحزب،‭ ‬وحث‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬جيمس‭ ‬كليفرلي،‭ ‬زملاءه‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الآراء‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إجبار‭ ‬رئيسين‭ ‬سابقين‭ ‬لوزراء‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬منصبيهما‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬نواب‭ ‬برلمانيين؛‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المفاجئ‭ ‬أن‭ ‬تلقى‭ ‬تراس،‭ ‬مصيرا‭ ‬مشابها‭ ‬لسلفيها؛‭ ‬نتيجة‭ ‬قوة‭ ‬المعارضة‭ ‬للتخفيضات‭ ‬الضريبية‭. ‬وعلقت‭ ‬وزيرة‭ ‬النقل‭ ‬السابقة،‭ ‬غرانت‭ ‬شابس،‭ ‬بأن‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء،‭ ‬لديها‭ ‬فرصة‭ ‬لمراجعة‭ ‬رصيدها‭ ‬السياسي‭ ‬المتضائل،‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬المحافظين،‭ ‬لن‭ ‬يدعموها،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬استمرت‭ ‬نتيجة‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬كما‭ ‬هي‭.‬

وبالفعل،‭ ‬أشارت‭ ‬التحليلات‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬سلطة‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬وحكومتها؛‭ ‬بسبب‭ ‬التراجع‭ ‬السياسي‭ ‬المبكر‭. ‬وكتب‭ ‬لاندلر،‭ ‬وكاسل،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهار‭ ‬استعدادها‭ ‬للانصياع‭ ‬للضغط،‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬الحكومة‭ ‬الآن‭ ‬موقفا‭ ‬صعبًا‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬المشرعين‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬الإنفاق‭ ‬لتعويض‭ ‬انخفاض‭ ‬عائداتها‭ ‬الضريبية‭. ‬وأدى‭ ‬رفض‭ ‬تراس،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مدفوعات‭ ‬المزايا،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬التضخم،‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المعارضة‭ ‬الداخلية‭. ‬وتعد‭ ‬بيني‭ ‬مورداونت،‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬وروبرت‭ ‬باكلاند،‭ ‬وزير‭ ‬شؤون‭ ‬ويلز،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬دعوا‭ ‬تراس‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بذلك‭.‬

وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اعتبار‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسها،‭ ‬خيار‭ ‬خفض‭ ‬الضرائب،‭ ‬أحد‭ ‬حلولها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المميزة؛‭ ‬وإلغائه‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬إعلانه،‭ ‬يثير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬قيادتها،‭ ‬وإدارتها‭ ‬المستقبلية‭. ‬وأوضح‭ ‬لي‭ ‬كاين،‭ ‬مدير‭ ‬الاتصالات‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬جونسون،‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬رئاستها‭ ‬للوزراء،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تستعيد‭ ‬تراس‭ ‬مكانتها‭ ‬السابقة؛‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬فترة‭ ‬ولايتها‭ ‬بموجة‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تداعياتها‭. ‬وأثار‭ ‬لاندلر،‭ ‬وكاسل،‭ ‬أسئلة‭ ‬أيضا‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬كوارتينج،‭ ‬الذي‭ ‬واجه‭ ‬انتقادات‭ ‬كبرى،‭ ‬باعتباره‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬لهذا‭ ‬التحول‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المخطط‭ ‬له‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يتزامن‭ ‬الانخفاض‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬التأييد‭ ‬لحزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬شعبية‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬المعارضة‭ ‬الرئيسية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬والذي‭ ‬سبق‭ ‬وخسر‭ ‬أربعة‭ ‬انتخابات‭ ‬عامة‭ ‬متتالية‭. ‬وقبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الوطنية‭ ‬المقرر‭ ‬إجراؤها‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الآن‭ ‬أقوى‭ ‬فرصة‭ ‬لحزب‭ ‬العمال‭ ‬لاستعادة‭ ‬السلطة‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عِقد‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬المحافظين‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭. ‬واتهم‭ ‬ستارمر،‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية،‭ ‬بأنها‭ ‬فقدت‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وأن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لإيقاف‭ ‬المحافظين‭ ‬عن‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬تخفيضات‭ ‬ضريبية‭ ‬للأثرياء،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبتهم‭ ‬الـ1%؛‭ ‬هي‭ ‬انتخاب‭ ‬حكومة‭ ‬عمالية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬القادمة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬إليزابيث‭ ‬بايبر،‭ ‬وأندرو‭ ‬ماكاسكيل،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬بات‭ ‬يتمتع‭ ‬بأجواء‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الثقة،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الانقسامات‭ ‬بين‭ ‬فصائله،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬تأييده‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت‭. ‬وأظهرت‭ ‬مؤسسة‭ ‬يوجوف‭ ‬لاستطلاع‭ ‬الرأي،‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬أصبحوا‭ ‬يتفوقون‭ ‬بفارق‭ ‬33‭ ‬نقطة‭ ‬على‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬جينيفر‭ ‬سكوت،‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬سكاي‭ ‬نيوز،‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬علق‭ ‬جون‭ ‬كيرتس،‭ ‬خبير‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬بها،‭ ‬حيث‭ ‬يمكنه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأغلبية،‭ ‬ويتجاوز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬مقعد‭ ‬بمجلس‭ ‬العموم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬له‭ ‬أكبر‭ ‬انتصار‭ ‬انتخابي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وأنه‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مزايا‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للحكومة‭ ‬الحالية،‭ ‬فقد‭ ‬يؤدي‭ ‬التخبط‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬أضرار‭ ‬انتخابية‭ ‬خطيرة‭ ‬للمحافظين‭ ‬كحزب‭ ‬حاكم‭ ‬ولقائدته‭ ‬الجديدة‭.‬

ووفقا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المحللين،‭ ‬فإنه‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يُشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دوائر‭ ‬الجدار‭ ‬الأحمر‭ ‬الانتخابية‭ -‬مناطق‭ ‬كسبها‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬الأخيرة‭ ‬2019،‭ ‬وكانت‭ ‬عادة‭ ‬تصوّت‭ ‬لحزب‭ ‬العمال‭- ‬والمشاعر‭ ‬القوية‭ ‬المطالبة‭ ‬بخروج‭ ‬بريطانيا‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬تعد‭ ‬أسبابا‭ ‬رئيسية،‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تقدم‭ ‬المحافظين‭. ‬وعند‭ ‬تحديد‭ ‬مسار‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬المقبلة،‭ ‬فقد‭ ‬تحول‭ ‬الزخم‭ ‬السياسي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬تجاه‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭. ‬وأظهر‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الأخير‭ ‬لمؤسسة‭ ‬يوجوف،‭ ‬استحواذ‭ ‬ستارمر،‭ ‬على‭ ‬61‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الانتخابية‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬وشمال‭ ‬إنجلترا،‭ ‬وانخفاض‭ ‬دعم‭ ‬تراس،‭ ‬إلى‭ ‬23‭ ‬فقط‭. ‬وأشار‭ ‬آدم‭ ‬فورست،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬ذي‭ ‬إندبندنت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوعين‭ ‬الماضيين‭ ‬فقط،‭ ‬هو‭ ‬أحدث‭ ‬تأكيد‭ ‬للتأثير‭ ‬الكارثي‭ ‬للموازنة‭ ‬الحكومية‭ ‬المصغرة‭ ‬على‭ ‬أرصدتهم‭ ‬السياسية‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬مشابه،‭ ‬أطلق‭ ‬عمدة‭ ‬مانشستر‭ ‬آندي‭ ‬بورنهام‭ -‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭- ‬على‭ ‬المؤتمر‭ ‬الأخير‭ ‬للحزب‭ ‬في‭ ‬ليفربول،‭ ‬بأنه‭ ‬استعداد‭ ‬لمؤتمر‭ ‬آخر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬موضوعه‭ ‬تولي‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬حذرت‭ ‬وولف،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬قد‭ ‬يصوتون‭ ‬للحكومة،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التصويت‭ ‬لصالح‭ ‬حزب‭ ‬المعارضة‭ ‬الرئيسي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تصورًا‭ ‬سائدًا‭ ‬عن‭ ‬ستارمر،‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬آراء،‭ ‬وأفكار‭ ‬خاصة‭ ‬لحلحلة‭ ‬الموقف‭.‬

وحول‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬توقعه‭ ‬حال‭ ‬فوز‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬ستارمر،‭ ‬برفض‭ ‬خطة‭ ‬الحكومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية،‭ ‬وتعهده‭ ‬بإلغائها،‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬العبء‭ ‬الضريبي‭ ‬على‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة،‭ ‬ومعارضة‭ ‬الزيادات‭ ‬الضريبية‭ ‬على‭ ‬مدفوعات‭ ‬التأمين‭ ‬الوطني،‭ ‬وتبني‭ ‬خطط‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبرى،‭ ‬وتعهده‭ ‬بتحويل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬معدلات‭ ‬نمو‭ ‬قصوى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬مليون‭ ‬وظيفة‭ ‬جديدة،‭ ‬وخفض‭ ‬فواتير‭ ‬الطاقة،‭ ‬ورفع‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة،‭ ‬وبذل‭ ‬المزيد‭ ‬لمعالجة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والتخطيط‭ ‬لإنشاء‭ ‬شركة‭ ‬طاقة‭ ‬مملوكة‭ ‬للدولة،‭ ‬تكون‭ ‬مهمتها‭ ‬الترويج‭ ‬للأساليب‭ ‬الخضراء،‭ ‬وضمان‭ ‬استقلال‭ ‬الطاقة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬اعتماد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الروسي،‭ ‬أو‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬الصين‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أدت‭ ‬المحاولة‭ ‬الفاشلة‭ ‬لسن‭ ‬إصلاح‭ ‬ضريبي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬الجديدة،‭ ‬بقيادة‭ ‬تراس،‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬عنيف‭ ‬هدد‭ ‬سلطتها‭ ‬ومستقبلها‭ ‬السياسي،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬سياساتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬وصف‭ ‬حكوماتها‭ ‬بأنها‭ ‬منحازة‭ ‬إلى‭ ‬الأثرياء،‭ ‬ولا‭ ‬تقف‭ ‬بجانب‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬فوز‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬وقت‭ ‬أمام‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬للتحضير‭ ‬للانتخابات‭ ‬العامة،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬البلاد؛‭ ‬فإن‭ ‬الصدارة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يستحوذ‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬أو‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page