08/10/2022
مؤشرات مهمة في صعود مملكة البحرين في التقييمات الدولية 2022
ترصد تقييمات دولية ما حققته الدول التي تتناولها في العام السابق 2021، استنادًا إلى البيانات التي تحصل عليها من المصادر الرسمية، وهي بذلك تعد مرجعية أساسية على درجة عالية من الموثوقية في رسم صورة هذه الدول، ومكانتها في المجتمع الدولي على مدى المؤشرات التي تحتويها، وأساس هذه الصورة هو الجهد الوطني المبذول على صعيد كل مؤشر من هذه المؤشرات، كما تعد واحدة من أهم ما يرجع إليه المستثمر قبل أن يتخذ قراره بالاستثمار في بلد معين، وعادة ما يهتم صانع القرار في الدول المشمولة بهذه التقارير بما جاء بها، لجهة أين تكمن مكامن القوة، وأين الفرص، وأين المخاطر، فيما قد يوجه إلى إعادة النظر في الخطط والسياسات والإجراءات، بغية تعزيز مكامن القوة، وتحويل مكامن الضعف إلى نقاط قوة، واغتنام الفرص، وتجنب المخاطر.
ولأول مرة منذ 2017، حين صدر تقريره الأول، يضع مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، البحرين في 2022 ضمن الدول التي يرصدها في تقرير التنافسية الرقمية العالمية، الذي يتناول 64 دولة في 52 مؤشرًا، حيث جاءت مملكة البحرين في المرتبة 32 عالميًّا، واحتلت مراكز متقدمة عالميًّا في العديد من مؤشرات هذه التنافسية، فجاءت في المرتبة السادسة عالميًّا في مؤشر الاستثمار في الاتصالات، و11 عالميًّا في مؤشر الأمن السيبراني، و14 عالميًّا في مؤشر تكنولوجيا الاتصالات والسابعة عالميًّا في مؤشر الخبرة العالمية، و13 عالميًّا في المهارات الرقمية التكنولوجية، و13 عالميًّا في الموهوبين، وجاءت المملكة ضمن أفضل 15 دولة في 14 مؤشرًا، فجاءت الرابعة عالميًّا في عدد مشتركي النطاق العريض المتنقل ومستخدمي الإنترنت، والثالثة عالميًّا في مؤشر النساء الحاصلات على الدرجات العلمية، والسابعة عالميًّا في مؤشر الخبرة الدولية للمدراء، و13 عالميًّا في مؤشر التوجه نحو العولمة، و19 عالميًّا من حيث عدد الباحثات.
وراء هذا الصعود جهودٌ ومثابرة وطنية مستمرة منذ بداية الألفية، مع تحرير قطاع الاتصالات والنهضة التعليمية، وتدشين مدارس المستقبل المعتمدة على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، ومبادرة التمكين الرقمي في مدارس المملكة، وتنمية قطاع الاتصالات، وتحقيق جودة البنية التحتية، والسيطرة على تكلفة خدمات الاتصالات، وإطلاق خدمات الحكومة الإلكترونية، وتوسيع مجالاتها وتحقيق حوكمتها، وتغطيتها لكل المناطق لكل الأفراد وتعدد أدواتها، فيما أطلقت المملكة استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2022 - 2026، ضمن أولويات خطة التعافي الاقتصادي، وتضمنت أربعة محاور رئيسية: البنية التحتية، دعم الاقتصاد الرقمي، تعزيز الحوكمة الإلكترونية، وتطوير القدرات الرقمية.
وجاءت المملكة الأولى على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير الحرية الاقتصادية الصادر عن معهد فريزر الكندي 2022، متقدمة 26 مرتبة عن السنة السابقة، واحتلت المرتبة الـ 39 عالميًّا من أصل 165 دولة، فيما جاءت الأردن في المرتبة الثانية على المنطقة، تليها الإمارات ثم قطر والسعودية ثم الكويت ثم سلطنة عُمان ثم المغرب، وتقدمت البحرين على دول متقدمة كإيطاليا وفرنسا وكوريا الجنوبية، ويقيس هذا المؤشر الحرية الاقتصادية في مجالات: حجم الحكومة، الهيكلة القانونية، ضمان حقوق الملكية، الحصول على الأموال بطريقة قانونية، حرية التجارة على الصعيد الدولي، التشريعات المرتبطة بالتسهيلات الائتمانية، وقوانين سوق العمل، وحصلت المملكة المرتبة 13 عالميًّا في مجال حرية التجارة، والمرتبة 36 عالميًّا في مجال الحصول على الأموال بطريقة قانونية، و38 عالميًّا في مجال التشريعات المرتبطة بالتسهيلات الائتمانية.
إن اقتصاد البحرين أصبح ينمو في الربع الثالث لعام 2022 بأسرع وتيرة منذ 2016، بنسبة 6.9% على أساس سنوي، حيث شهدت الأنشطة الاقتصادية انتعاشًا قويًّا مدعومًا باستمرار تطور أداء القطاعات غير النفطية، ووصل قطاع الفنادق والمطاعم تسجيله لنسب النمو الأعلى على مستوى القطاعات غير النفطية، حيث شهد نموًّا بنسبة 18.1% بالأسعار الثابتة، وجاء قطاع الاتصالات والمواصلات في المرتبة الثانية 15.1% ثم الصناعات التحويلية 7.6%، مدعومًا بنمو الكميات المنتجة في «ألبا، وبناغاز، وبابكو» ثم قطاع التجارة بنسبة 7.5% مع تحقيق زيادة في قيمة مبيعات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية، وبلغت نسبة نمو الخدمات الحكومية 7.1% والأنشطة العقارية وخدمات الأعمال 4.5%، والمشروعات المالية 3.6%، والبناء والتشييد 2.6%، وشهدت المشاريع التنموية الكبرى الممولة من قِبَل برنامج التنمية الخليجي تقدمًا ملحوظًا، مع ترسية مشاريع بقيمة 100 مليون دولار، لتصبح قيمة الأعمال التي تمت ترسيتها 6.1 مليارات دولار، نتيجة لذلك احتلت البحرين المرتبة 11 عالميًّا بين 84 اقتصادًا في مؤشر المشروعات الجديدة للاستثمار الأجنبي المباشر الذي تصدره مجلة فايننشال تايمز، ويحصر هذا المؤشر الدول التي نجحت في استقطاب ما لا يقل عن 10 مشاريع ضمن مجالات جديدة من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021.
وخلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2022 أسفرت جهود مركز التنمية الاقتصادية عن استقطاب 66 مشروعًا، بإجمالي استثمارات مباشرة تبلغ 921 مليون دولار، وبنسبة تزيد على 90% من هدف الاستثمارات الأجنبية المباشر لعام 2022 الذي حدده مجلس إدارة مجلس التنمية الاقتصادية، وتسهم هذه الاستثمارات الجديدة في خلق 4715 فرصة عمل، في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي والخدمات المالية والصحة والتعليم والصناعة والسياحة والخدمات اللوجستية.
أما تقرير التنمية البشرية الذي يصدر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة منذ 32 عامًا، فقد حافظت فيه مملكة البحرين على مكانتها ضمن الدول الأعلى عالميًّا في التنمية البشرية، واحتلت المملكة المرتبة 35 عالميًّا في تقرير 2022، من أصل 191 دولة، متقدمة 7 مراكز عن العام السابق، وجاء هذا التقرير تحت عنوان «زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار، صياغة مستقبلنا في عالم يتحول» ويتعلق هذا التقرير أكثر من غيره بالجوانب الحقوقية خاصة في الصحة والتعليم والدخل والمساواة بين الجنسية، وفي الصحة: العمر المتوقع عند الميلاد، وقد بلغ متوسطه في المملكة 78.8 سنة، وفي التعليم: سنوات التعليم المتوقعة ومتوسط سنوات التعليم، وبلغ عدد السنوات المتوقعة في المملكة 16.3 سنة ومتوسط سنوات التعليم 11 سنة، وفي الدخل: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، وقد بلغ متوسطه في البحرين 39 ألف دولار سنويًّا، فيما أشار التقرير إلى ارتفاع قيمة مؤشرات البحرين في مستوى التحصيل الأكاديمي، وتفوق الفتيات على الأولاد في نتائج التعليم، وفيما يترنح العالم تحت وطأة أزمات متزامنة، حذر التقرير من تراجع العالم 5 سنوات في مجال التنمية البشرية بسبب هذه الأزمات، حيث جعلت هذه الأزمات العديد من دول العالم عاجزة عن معالجة جذور المشاكل التي تعانيها، حتى تراجعت قيمة التنمية البشرية عالميًّا إلى المستويات التي بلغتها في عام 2016، وتجلت هذه القيمة في 2022 للسنة الثانية على التوالي في أكثر من 90% من بلدان العالم.
وفي مؤشرات المساواة في المملكة، كما أبرزها تقرير التنمية البشرية 2022، بلغت الحياة المتوقعة عند الولادة للذكور 77.8 سنة والإناث 80 سنة، والسنوات المتوقعة للدراسة عند الذكور 15.9 سنة بينما الإناث 17 سنة، ومتوسط سنوات الدراسة للذكور 11.2 سنة والإناث 10.8 سنوات، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي للذكور 53 ألف دولار والإناث 16 ألف دولار، ووضع مؤشر عدم المساواة بين الجنسين الذي يقيس عدم المساواة القائمة على نوع الجنس في مجالات الصحة والتمكين والوظائف البحرين في المرتبة 46 عالميًّا متقدمة 3 مراكز عن السنة السابقة.
ويرصد تقرير المساواة والأعمال والقانون 2022 الصادر عن البنك الدولي تسجيل البحرين تقدمًا في هذا المؤشر عالميًّا وبين الدول العربية، حيث وصلت إلى 65% من هذا المؤشر متقدمة 18 مركزا مرة واحدة خلال عام واحد، وأشار التقرير إلى أن المملكة تقع ضمن الدول التي شهدت تحسنًا كبيرًا في الدرجة النهائية، نتيجة التغيرات التشريعية المتعلقة ببند الأجور، حيث أحرزت الدرجة الكاملة 100%، بعد أن كانت 25% في السنة السابقة، وطبقًا لنتائج تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس لعام 2021، والخاص بقياس الفجوة بين الجنسين في 156 بلدًا حول العالم جاءت البحرين في المركز الأول خليجيًّا والثاني عربيًّا في مجال المشاريع الاقتصادية والفرص المتاحة أمام المرأة، وتمكنت البحرين من إغلاق 63.2% من الفجوة بين الجنسين مقارنة بالمتوسط العالمي 68%، وفي محور الصحة 96% مطابقة للمتوسط العالمي، وفاقت المتوسط العالمي في التعليم بنسبة 98.5% والمتوسط العالمي 95%.
وإذا كان تقدم مملكة البحرين بتقرير التنمية البشرية 2022، يعكس تراجع هذه القيمة في العديد من دول العالم، إلا أنه بشكل أساسي يعكس الجهد الوطني المبذول في مجالات هذه التنمية خلال العام المنصرم، والذي تُوِّج بإنشاء البحرين وزارة معنية بالتنمية المستدامة كأول دولة في العالم تقوم بذلك في يونيو الماضي، ما يعكس ما توليه الحكومة البحرينية من أهمية كبيرة لتحقيق الاستدامة في مجالات هذه التنمية في إطار رؤيتها الاقتصادية 2030.
وعزز تقدم المملكة في مؤشرات التنمية البشرية، وضعها في تقرير السعادة العالمي 2022، وهو التقرير الذي يصدر سنويًّا بإشراف الأمم المتحدة منذ نحو 10 سنوات، وفي 2022 حصدت المملكة المركز الأول عربيًّا و31 عالميًّا، فيما احتلت فنلندا المركز الأول عالميًّا للسنة الخامسة على التوالي، وفي 2022 حصدت فنلندا 189 نقطة في مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في حين حصلت البحرين على 185 نقطة، كما حصلت البحرين على نقاط متقدمة في مؤشرات: الدعم الاجتماعي، وتوقعات الحياة الصحية، وحرية اتخاذ القرارات المصيرية.
إن ما سبق ورصدته التقارير الدولية هو نتاج جهد وطني متصل قادته رؤى جلالة الملك وسياساته الإصلاحية، وجهود سمو ولي العهد رئيس الوزراء ومؤسسات الدولة والمجتمع، نحو الإسراع في تجسير فجوة التقدم بين المملكة والعالم الأول، لتعبر البحرين في سنوات قليلة ما احتاجت فيه دول إلى عقود طويلة.