top of page

05/10/2022

لماذا تكرر بريطانيا أخطاءها التاريخية بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة

عقب‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬منصب‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا،‭ ‬جاء‭ ‬التغيير‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬عامًا؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإعلان‭ ‬بأنها‭ ‬تجري‭ ‬مراجعة‭ ‬بشأن‭ ‬احتمال‭ ‬نقل‭ ‬سفارتها‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭.‬

وفي‭ ‬انعكاس‭ ‬للقرار‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬لدونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬سجلت‭ ‬صحيفة‭ ‬التليغراف‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬‮«‬سعداء‮»‬‭ ‬بهذا‭ ‬التحول‭ ‬المحتمل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬معارضة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬حكومات‭ ‬وسياسيين‭ ‬ومراقبين،‭ ‬محذرين‭ ‬من‭ ‬تهميش‭ ‬محنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬والتوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬مكانة‭ ‬بريطانيا‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬صورتها‭ ‬بزعم‭ ‬أنها‭ ‬مدافع‭ ‬عن‭ ‬القوانين‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭.‬

وحتى‭ ‬اعتراف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وإعلانه‭ ‬نيته‭ ‬نقل‭ ‬سفارة‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬كان‭ ‬موقع‭ ‬السفارات‭ ‬الدولية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬قضية‭ ‬كامنة‭ ‬منذ‭ ‬ضم‭ ‬إسرائيل‭ ‬غير‭ ‬المعترف‭ ‬به‭ ‬دوليًّا‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬لذلك،‭ ‬سلط‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬نوايا‭ ‬تراس‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬النموذج‭ ‬الأمريكي‭ ‬تمثل‭ ‬تحولًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬بريطانيا‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭. ‬وتمثل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬حاليًا‭ ‬قنصلية‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬سفارتها‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬ذكرت‭ ‬يولاند‭ ‬نيل،‭ ‬مراسلة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭: ‬أن‭ ‬‮«‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬ستكون‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬درجة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬والتحضير‭ ‬المسبق‭ ‬قد‭ ‬تمت‭ ‬قبل‭ ‬مناقشة‭ ‬تراس‭ ‬للاقتراح‭ ‬مع‭ ‬نظيرها‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يائير‭ ‬لابيد‭ ‬أثناء‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬ووعدت‭ ‬بإجراء‭ ‬‮«‬مراجعة‭ ‬للموقع‭ ‬الحالي‮»‬‭ ‬في‭ ‬اجتماعها‭ ‬مع‭ ‬لابيد‭.‬

كانت‭ ‬مواقف‭ ‬تراس‭ ‬المنحازة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬جلية‭ ‬بالفعل‭ ‬وبشكل‭ ‬صارخ،‭ ‬ففي‭ ‬حديثها‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬البرلمانية‭ ‬لأصدقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬المحافظين‭ ‬CFI‭ ‬خلال‭ ‬حملتها‭ ‬على‭ ‬زعامة‭ ‬الحزب،‭ ‬أصرت‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬آنذاك‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئاستها‭ ‬للوزراء،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬صديق‭ ‬مخلص‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬الاكتفاء‭ ‬بالكلام‮»‬‭ ‬فإنها‭ ‬‮«‬ستمضي‭ ‬قُدُمًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وكتب‭ ‬أهيلير،‭ ‬زميل‭ ‬أول‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للدراسات‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬RUSI،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬تراس‭ ‬‮«‬تحاول‭ ‬ببساطة‭ ‬خلق‭ ‬انطباع‭ ‬جديد‭ ‬وجريء‮»‬‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬الأخطاء‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬تأتي‭ ‬بكلفة‭ ‬باهظة‭ ‬للمصالح‭ ‬البريطانية‮»‬‭ ‬ولن‭ ‬تجلب‭ ‬‮«‬أي‭ ‬فوائد‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬تحولًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية‭ ‬تجاه‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فإن‭ ‬نقل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بعثتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬سيعتمد‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬السابق‭ ‬بالسيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المدينة‭. ‬وسجلت‭ ‬المراسلة‭ ‬نيل‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬‮«‬قوبل‭ ‬بإدانة‭ ‬دولية‭ ‬واسعة‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اشتعال‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬فيه‭ ‬مئات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬450‭ ‬منذ‭ ‬بدايتها‭)‬‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الذين‭ ‬انتقدوا‭ ‬القرار‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطانية‭ ‬آنذاك‭ ‬تيريزا‭ ‬ماي،‭ ‬التي‭ ‬وصفته‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مفيد‭ ‬لآفاق‭ ‬السلام‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭.‬

وربما‭ ‬يفتح‭ ‬نقل‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬المحتمل‭ ‬لسفارتها‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لتحذو‭ ‬حذوها‭. ‬لاحظ‭ ‬روثويل‭ ‬وتورنر،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬التليغراف،‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬مارست‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬ضغوطًا‭ ‬على‭ ‬حلفائها‭ ‬سنوات‭ ‬لنقل‭ ‬سفاراتهم‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬اختارت‭ ‬غواتيمالا‭ ‬وهندوراس‭ ‬وكوسوفو‭ ‬فقط‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬إضافة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ستعزز‭ ‬مزاعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالسيادة‭ ‬على‭ ‬المدينة،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬استياء‭ ‬وغضب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬هناك‭ ‬بالفعل‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬دولة‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬بنقل‭ ‬سفارتها‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬وفي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬تعهد‭ ‬الزعيم‭ ‬القومي‭ ‬اليميني‭ ‬ماتيو‭ ‬سالفيني‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬دخل‭ ‬حزبه‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬فإنه‭ ‬سيدعو‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬سفارة‭ ‬بلاده‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬9%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬الانتخابية‭ ‬النهائية‭ ‬للبلاد،‭ ‬دخل‭ ‬سالفيني‭ ‬في‭ ‬ائتلاف‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬يمينية‭ ‬أخرى‭ ‬بقيادة‭ ‬جيورجيا‭ ‬ميلوني،‭ ‬زعيمة‭ ‬حزب‭ ‬إخوان‭ ‬إيطاليا،‭ ‬التي‭ ‬شجعت‭ ‬بنفسها‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬حزبها‭ ‬وحزب‭ ‬الليكود‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ويتركز‭ ‬النقد‭ ‬اللاذع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الخبراء‭ ‬والمعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬تجاه‭ ‬النوايا‭ ‬الجديدة‭ ‬للحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إضفاء‭ ‬شرعية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬انتهاكًا‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬التاريخية‭ ‬القائمة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تهميش‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬وانتهاك‭ ‬حقوقهم‭ ‬بسبب‭ ‬انحياز‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬رسميًا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُظهر‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تدير‭ ‬ظهرها‭ ‬للمساءلة‭ ‬عن‭ ‬القرارات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬يرثى‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭.‬

وأوضح‭ ‬الكاتب‭ ‬دونالد‭ ‬ماكنتاير،‭ ‬في‭ ‬الغارديان،‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬ستثير‭ ‬غضب‮»‬‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬أدان‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بشكل‭ ‬فريد‭ ‬لقيامه‭ ‬بتلك‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬السابق‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬ماكنتاير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬ستتعارض‭ ‬مع‭ ‬‮«‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وكل‭ ‬قرار‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭ ‬دعا‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭.‬

ولكن‭ ‬افتتاحية‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان،‭ ‬وصفت‭ ‬‮«‬قضية‮»‬‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬منطقية‭ ‬وقانونية‭ ‬وعملية‭ ‬وكذلك‭ ‬أخلاقية‮»‬،‭ ‬ولكنها‭ ‬أضافت‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تلغي‮»‬‭ ‬التزام‭ ‬بريطانيا‭ ‬بخيار‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬تغض‭ ‬الطرف‭ ‬ضمنيًّا‭ ‬عن‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬كما‭ ‬ردد‭ ‬السفير‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬حسام‭ ‬زملط‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬انتهاك‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬وستكون‭ ‬‮«‬انتهاكًا‭ ‬صارخًا‮»‬‭ ‬لـ«المسؤوليات‭ ‬التاريخية‮»‬‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬السياسيين‭ ‬البريطانيين،‭ ‬كتبت‭ ‬النائبة‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬ناز‭ ‬شاه‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لحثها‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬‮«‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬سابقة‭ ‬مروعة‮»‬‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬أراضي‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬مستشهدة‭ ‬بـ«بضم‭ ‬روسيا‭ ‬أراضي‭ ‬أوكرانية‮»‬‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المقارنة؛‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الغربية‭ ‬مختلفة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬وأكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬حيال‭ ‬هذا‭ ‬الضم‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬تجاه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وصف‭ ‬روس‭ ‬جرير،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬حزب‭ ‬الخضر‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية،‭ ‬خطوة‭ ‬تراس‭ ‬بـ‮«‬الطائشة‭ ‬وغير‭ ‬المسؤولة‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬شأنها‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬احتمالية‭ ‬العنف‭ ‬بلا‭ ‬داع‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمحنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬رأت‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬على‭ ‬حق‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالإحباط‭ ‬والغضب،‭ ‬ولكن‭ ‬بالخيانة‮»‬‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬‮«‬الحكومة‭ ‬البريطانية‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تعليق‭ ‬ماكنتاير‭ ‬على‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬التاريخي‭ ‬لبريطانيا‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬التزامًا‭ ‬فريدًا‭ ‬بالسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬للفلسطينيين‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ ‬عام‭ ‬1917،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الحماية‭ ‬البريطانية‭ ‬المفترضة‭ ‬‮»‬للمجتمعات‭ ‬غير‭ ‬اليهودية‮»‬‭ ‬تظل‭ ‬‮«‬أملاً‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬النور‭ ‬بعد‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ونقل‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬ماكنتاير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬‮«‬دفن‭ ‬فكرة‭ ‬تقسيم‭ ‬القدس‭ ‬إلى‭ ‬عاصمتين‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬المساعدة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬توسيعها‭ ‬المستمر‭ ‬للمستوطنات‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬ولكن‭ ‬عبر‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيضًا‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬عنصر‭ ‬آخر‭ ‬يجب‭ ‬مراعاته‭ ‬وهو‭ ‬مستقبل‭ ‬القنصلية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬عندما‭ ‬نقلت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬بعثتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬أُغلقت‭ ‬القنصلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬سفارة‭ ‬فعلية‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬اللاحقة‭ ‬بإعادة‭ ‬فتح‭ ‬هذا‭ ‬المرفق‭ ‬قريبًا،‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المرفق‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬نشط‭ ‬وخارج‭ ‬نطاق‭ ‬الخدمة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استمرار‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬نواياها،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغلق‭ ‬بشكل‭ ‬مماثل‭ ‬قنصليتها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الإدانات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬أفاد‭ ‬النقاد‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬سيقوِّض‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وقد‭ ‬لاحظ‭ ‬وينتور‭ ‬معارضة‭ ‬عالية‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬اعتقاد‭ ‬أوروبي‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬حكيمة‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬حذر‭ ‬دبلوماسيون‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذ‭ ‬الخطوة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تُعرِّض‭ ‬المحادثات‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاق‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬للخطر‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬نقلت‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان‭ ‬عن‭ ‬دبلوماسي‭ ‬بريطاني‭ ‬سابق‭ ‬لم‭ ‬تذكر‭ ‬اسمه‭ ‬أن‭ ‬تراس‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تُقارن‮»‬‭ ‬بـدونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬‮«‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كبيرة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لتشق‭ ‬طريقها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬سفارة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أدنى‭ ‬‮«‬تأثير‮»‬‭ ‬يذكر‭ ‬سوى‭ ‬الإضرار‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وخلص‭ ‬ماكنتاير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬الإعلان‮»‬‭ ‬عن‭ ‬نواياها‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬فإن‭ ‬القيادة‭ ‬الجديدة‭ ‬قد‭ ‬‮«‬ألحقت‭ ‬بالفعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضرر‭ ‬بالمصالح‭ ‬البريطانية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬‮«‬ستبدأ‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الحاسم‭ ‬المعني‭ ‬بالنقل‭ ‬المقترح‭ ‬لسفارتها‭ ‬إلى‭ ‬القدس‮»‬‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬اقتراح‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بنقل‭ ‬سفارتها‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬النموذج‭ ‬الأمريكي،‭ ‬سيهدد‭ ‬بالإضرار‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وفي‭ ‬الشهر‭ ‬الأول‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬توليها‭ ‬السلطة،‭ ‬أشارت‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬بزعامة‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬إلى‭ ‬نيتها‭ ‬تغيير‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬رافضة‭ ‬لتلك‭ ‬الخطوة،‭ ‬حيث‭ ‬خلصت‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المسؤوليات‭ ‬التاريخية‭ ‬لبريطانيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬تطالب‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬بعمل‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬لديها‮»‬‭ ‬لضمان‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬و«عدم‭ ‬إضافة‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأضرار‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬القائمة‭ ‬التي‭ ‬سببها‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page