top of page

3/9/2022

التوجه الفرنسي تجاه العلاقات الخليجية.. الأبعاد والمحددات.. وجهة نظر غربية

اعتبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬عملية‭ ‬التقارب‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬والزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬للرياض‭ ‬بمثابة‭ ‬تحد‭ ‬مباشر‭ ‬لدور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التقليدي‭ ‬في‭ ‬الخليج‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬بكين‭ ‬ليست‭ ‬اللاعب‭ ‬الدولي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬انسحاب‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬حقيقيًا‭ ‬أو‭ ‬متصورًا؛‭ ‬كفرصة‭ ‬لتوسيع‭ ‬روابطها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ونفوذها‭ ‬السياسي،‭ ‬فقد‭ ‬أبرز‭ ‬‮"‬جان‭ ‬لوب‭ ‬سمعان‮"‬‭ ‬من‭ ‬‮"‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮"‬‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬فرنسا‭ ‬كبديل‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬افتقارها‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬فهي‭ ‬تمتلك‭ ‬نفوذًا‭ ‬للقوة‭ ‬الناعمة،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الإمارات‭ ‬خاصة‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮"‬جو‭ ‬بايدن‮"‬‭ ‬حاول‭ ‬تهدئة‭ ‬الشركاء‭ ‬القلقين‭ ‬من‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬فإن‭ ‬تقليص‭ ‬الالتزامات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأمن‭ ‬الخليج‭ ‬قد‭ ‬جعل‭ ‬دولا‭ ‬توسع‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬مع‭ ‬الخليج،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصين‭. ‬وأوضح‭ ‬‮"‬فولتون‮"‬،‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وزميل‭ ‬بالمجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الصينيين‭ ‬كانوا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬‮"‬مترددين‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‮"‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬و"نهج‭ ‬الحيطة‭ ‬الاستراتيجية‮"‬‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬وتعميق‭ ‬المشاركة،‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بكين‭ ‬راضية‭ ‬بذلك‭. ‬

ولعل‭ ‬أوضح‭ ‬مظهر‭ ‬لتوثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الصينية‭ ‬والتنافس‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬وواشنطن‭ ‬يتم‭ ‬إثباته‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬تفوقت‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتصبح‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أغسطس‭ ‬2022م،‭ ‬وقعت‭ ‬شركة‭ ‬‮"‬أرامكو‮"‬‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬مع‭ ‬‮"‬ساينوبك‮"‬‭ ‬الصينية؛‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬المصافي‭ ‬والبتروكيماويات‭ ‬والبناء‭ ‬والتقنيات‭ ‬وإنتاج‭ ‬طاقة‭ ‬الهيدروجين‭.‬

وأضافت‭ ‬‮"‬منى‭ ‬أبو‭ ‬شنيف‮"‬‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ (‬MEI‭) ‬أن‭ ‬الأنشطة‭ ‬الصينية‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬تشمل‭ ‬شؤون‭ ‬الأمن‭ ‬العسكري،‭ ‬وأعربت‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬انزعاجها‭ ‬من‭ ‬عرض‭ ‬الصين‭ ‬أنظمة‭ ‬اتصالات‭ ‬‮"‬هواوي‮"‬‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطائرات‭ ‬المُسيرة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021م‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بدأتا‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وإنتاج‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2017م‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬المقارن‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬والصين‭ ‬لتأثير‭ ‬القوة‭ ‬الصلبة،‭ ‬تقدم‭ ‬فرنسا‭ ‬نفسها‭ ‬كقوة‭ ‬تعزز‭ ‬بيئة‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الطموحات‭ ‬الفرنسية‭ ‬المتجددة‭ ‬للتأثير‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬ووصف‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬‭ ‬باريس‭ ‬بأنها‭: ‬‮"‬تضع‭ ‬نفسها‭ ‬كشريك‭ ‬غربي،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬بديلًا‭ ‬لواشنطن،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬توفر‭ ‬خيارًا‭ ‬ملائمًا‭ ‬لقادة‭ ‬الخليج‭ ‬الحريصين‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬شراكاتهم‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬انفصال‭ ‬فرنسا‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الخليج؛‭ ‬هو‭ ‬الفكرة‭ ‬الراسخة‭ ‬عن‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أضاف‭ ‬‮"‬جوليان‭ ‬بارنز‭ ‬دايسي‮"‬‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يمثل‭ ‬اعترافًا‭: ‬‮"‬بأن‭ ‬فرنسا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬استباقية‭ ‬دبلوماسية‭ ‬ومشاركة‭ ‬أصحاب‭ ‬النفوذ‭ ‬لإحراز‭ ‬تقدم‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‮"‬‭.‬

وكان‭ ‬الاستخدام‭ ‬المتعمد‭ ‬لـ"القوة‭ ‬الناعمة‮"‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فرنسا‭ ‬كبديل‭ ‬للقوة‭ ‬الصلبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصينية‭ ‬سمة‭ ‬ثابتة‭ ‬لسياسة‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬الخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬سجل‭ ‬مؤشر‭ (‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬العالمي30‭) ‬صعود‭ ‬فرنسا‭ ‬لتصبح‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬العالمية‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017م،‭ ‬وحافظت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019م،‭ ‬لتوضيح‭ ‬ذلك،‭ ‬وثقت‭ ‬شبكة‭ ‬‮"‬دويتشه‭ ‬فيله‮"‬‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮"‬القوة‭ ‬الناعمة‮"‬‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تشير‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬النفوذ‭ ‬الثقافي‭ ‬لفرنسا‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وشبكتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬عليها‭ ‬حكومة‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أشار‭ ‬محلل‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬العلاقات‭ ‬الفرنسية‭ ‬الإماراتية‭ ‬أساسية،‭ ‬فقد‭ ‬ازدهرت‭ ‬العلاقات‭ ‬الرسمية‭ ‬بين‭ ‬باريس‭ ‬وأبوظبي‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬التقى‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮"‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮"‬‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬مع‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬وديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬وأيضًا‭ ‬زيارة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮"‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮"‬‭ ‬لفرنسا‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2022‭ ‬كأول‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬كرئيس‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭.‬

أوضح‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬‭ ‬أن‭ ‬‮"‬التقارب‭ ‬الاستراتيجي‮"‬‭ ‬المتبادل‭ ‬بسبب‭ ‬وجهات‭ ‬نظرهم‭ ‬المشتركة‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مخاوف‭ ‬مماثلة‭ ‬بشأن‭ ‬الجماعات‭ ‬التابعة‭ ‬لجماعة‭ ‬‮"‬الإخوان‭ ‬المسلمين‮"‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬القيادة‭ ‬البحرية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬من‭ ‬أبوظبي،‭ ‬وفي‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭ ‬دعت‭ ‬باريس‭ ‬الإمارات‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مناورات‭ ‬‮"‬فارونا‮"‬‭ ‬البحرية‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬مع‭ ‬الهند‭.‬

ومثل‭ ‬فتور‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬والإمارات‭ ‬فرصة‭ ‬للبلدين‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وفتح‭ ‬تعليق‭ ‬صفقة‭ ‬مع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لبيع‭ ‬مقاتلات‭ ‬طراز‭ ‬‮"‬اف‭-‬35‮"‬‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021م‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬أبوظبي‭ ‬للموافقة‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬‮"‬80‮"‬‭ ‬طائرة‭ ‬مقاتلة‭ ‬فرنسية‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮"‬رافال‮"‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اتفاقية‭ ‬لشراء‭ ‬12‭ ‬طائرة‭ ‬هليكوبتر‭ ‬نقل‭ ‬عسكري،‭ ‬وبذلك‭ ‬تصل‭ ‬القيمة‭ ‬الإجمالية‭ ‬للصفقة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬مليار‭ ‬يورو،‭ ‬وتبقى‭ ‬أكبر‭ ‬صفقة‭ ‬بيع‭ ‬أسلحة‭ ‬دولية‭ ‬لفرنسا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية،‭ ‬وصفت‭ ‬‮"‬بارنز‭ ‬ديسي‮"‬‭ ‬أيضًا‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بأنها‭: ‬‮"‬نجاح‭ ‬لباريس‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬بعد‭ ‬إحراجها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬الولايات‭ ‬وبريطانيا‭ ‬باستبدال‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬أستراليا‭ ‬لبيع‭ ‬غواصات‮"‬‭.‬

ويمتد‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬الأمور‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والجيوسياسية‭. ‬وأشار‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬مساعدة‭ ‬الإمارات‭ ‬لفرنسا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬طموحاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬حيث‭ ‬سهلت‭ ‬رئاسة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬لجمعية‭ ‬حافة‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬العضوية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020م،‭ ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬ذا‭ ‬ناشيونال‮"‬‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه‭ ‬لسمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮"‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮"‬‭ ‬لباريس‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2022م‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮"‬شراكة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬للطاقة‮"‬‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬وأسعار‭ ‬مقبولة‭ ‬وخفض‭ ‬الكربون‭.‬

وسجل‭ ‬المحللون‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬إقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬الفرنسية‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لم‭ ‬تبلغ‭ ‬بعد‭ ‬المستويات،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬أظهر‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬رغبة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الرياض،‭ ‬حيث‭ ‬التقى‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021م،‭ ‬وعقب‭ ‬اجتماعهما‭ ‬الأخير‭ ‬أصرت‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬‮"‬أعربا‭ ‬عن‭ ‬رغبتهما‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬بغية‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‮"‬‭.‬

وبحسب‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬مجال‭ ‬التعاون‭ ‬الرئيسي‭ ‬المنشود‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬مع‭ ‬الرياض‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬للأمن‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعلان‭ ‬بعثة‭ ‬مساعدة‭ ‬إنسانية‭ ‬مشتركة،‭ ‬واتفق‭ ‬الزعيمان‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬اجتماعهما‭ ‬التالي،‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬قصر‭ ‬‮"‬الإليزيه‮"‬،‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمكين‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنفيذ‭ ‬السريع‭ ‬للإصلاحات‭.‬

وأشار‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬رئيسية‭ ‬للنفوذ‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬مقارنة‭ ‬بدور‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021م‭ ‬القياسية‭ ‬لبيع‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬وطائرات‭ ‬هليكوبتر‭ ‬فرنسية،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬متفوقة،‭ ‬فبلغت‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وحدها‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2000م‭ ‬و2019م‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭%‬،‭ ‬بينما‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬الإمدادات‭ ‬الفرنسية‭ ‬8‭.‬4‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬الرياض،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المبيعات‭ ‬الفرنسية‭ ‬كانت‭ ‬أيضًا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬12‭.‬8‭%‬‭.‬

كما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬عقبات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وسياسية،‭ ‬كما‭ ‬حذر‭ ‬‮"‬بارنز‭ ‬ديسي‮"‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كافحت‭ ‬للوفاء‭ ‬بوعدها،‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك‭ ‬قام‭ ‬‮"‬روبرت‭ ‬ماسون‮"‬،‭ ‬زميل‭ ‬بمعهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬بتسجيل‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬صعود‭ ‬المرشحين‭ ‬الشعبويين‭ ‬ومن‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الفرنسية‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬مبطنة‭ ‬معادية‭ ‬للمسلمين‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬باريس‭ ‬وأوروبا‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والجيوسياسي،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮"‬سمعان‮"‬‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬لن‭ ‬تفلت‭ ‬تمامًا‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الأوسع‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين،‭ ‬وكتب‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬ماكرون‭: ‬‮"‬ستواجه‭ ‬حتمًا‭ ‬معضلة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموقفها‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬الصين‭ ‬المتزايد‭ ‬في‭ ‬الخليج‮"‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الخبير‭ ‬قد‭ ‬سجل‭ ‬أن‭ ‬باريس‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮"‬متشككة‮"‬‭ ‬بشأن‭ ‬المخاوف‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬الصيني‭ ‬الخليجي‭ ‬الوثيق‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬فقد‭ ‬حلل‭ ‬سمعان‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الصين‭ (‬وروسيا‭) ‬‮"‬في‭ ‬تعميق‭ ‬مشاركتهما‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮"‬،‭ ‬باريس‭ ‬‮"‬قد‭ ‬تجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬الترويج‭ ‬لخطابها‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‮"‬‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

وأشار‭ ‬‮"‬ماسون‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬انسحاب‭ ‬إدارة‭ ‬‮"‬ترامب‮"‬‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018م،‭ ‬توترت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بشأن‭ ‬الخليج،‭ ‬ومن‭ ‬جانبه‭ ‬برز‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كجهة‭ ‬فاعلة‭ ‬دفاعية‭ ‬وأمنية‭ ‬أكثر‭ ‬استقلالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاقه‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬لأمن‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬‮"‬هرمز‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬أوروبي‭ ‬آخر‭ ‬يقع‭ ‬مقره‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬أبوظبي،‭ ‬زادت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬انخراطها‭ ‬السياسي‭ ‬مع‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬عبر‭ ‬إعلان‭ ‬يونيو‭ ‬2022م‭ ‬أنها‭ ‬أطلقت‭ ‬مفاوضات‭ ‬رسمية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬تجارة‭ ‬حرة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زعمت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬أنه‭ ‬سيخفض‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬أو‭ ‬يزيلها‭ ‬على‭ ‬سلع‭ ‬مختارة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية،‭ ‬وكذلك‭ ‬رفع‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬والخليج‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬16‭%‬،‭ ‬وإضافة‭ ‬1‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬سنويًا‭ ‬للاقتصاد‭ ‬البريطاني‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تكوين‭ ‬علاقات‭ ‬أوثق‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الوسطى‭ ‬الغربية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬ليس‭ ‬مهمة‭ ‬فريدة‭ ‬للدولة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬قد‭ ‬اتخذت‭ ‬أهم‭ ‬الخطوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬مع‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬المذكورة؛‭ ‬تبرز‭ ‬كعلامة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬التعاون‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬إعادة‭ ‬التعاون‭ ‬المحتمل،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التنافس‭ ‬العالمي‭ ‬والإقليمي‭ ‬الأوسع‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬مقامرة‭ ‬فرنسا‭ ‬الدقيقة‮"‬‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬طريق‭ ‬وسطي‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬خطاب‭ ‬غير‭ ‬منحاز‭ ‬يجذب‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬ضغوطها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬‮"‬لاتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬خلص‭ ‬‮"‬بارنز‭ ‬ديسي‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المصلحة‭ ‬المباشرة‭ ‬لفرنسا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تظل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ ‬الجنوبي‭ ‬لأوروبا،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮"‬ماكرون‮"‬‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬يمكن‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮"‬نجاح‮"‬‭. ‬وحذر‭ ‬‮"‬بارنز‭ ‬ديسي‮"‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬باريس‭ ‬ستحتاج‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬استخدام‭ ‬‮"‬التواصل‭ ‬النشط‭ ‬لماكرون،‭ ‬وربما‭ ‬تبني‭ ‬نهج‭ ‬أوروبي‭ ‬أوسع‭ ‬وأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الإقليمية‮"‬‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬وخارجه‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page