top of page

26/8/2022

مكافحة الإرهاب في ظل المنافسة بين القوى العظمى.. رؤية غربية

مع‭ ‬تركيز‭ ‬الاهتمام‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للولايات‭ ‬وحلفائها‭ ‬الغربيين‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬ضمن‭ ‬مواجهة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬ضد‭ ‬النفوذ‭ ‬الصيني‭ ‬المتزايد‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحولًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬عن‭ ‬أولوية‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لأمريكا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ -‬والتي‭ ‬جرى‭ ‬تعريفها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬بـ"الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮"‬‭- ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬الجديدة‭. ‬يرى‭ ‬المعلقون‭ ‬أن‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬والإرهاب‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬إرهاب‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬القائلة‭ ‬بأن‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬الدولة‭ ‬وتوافق‭ ‬عليه‭ ‬سوف‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬العالمية‭.‬

طرح‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬ليس‭ ‬بالجديد،‭ ‬ففي‭ ‬أبريل‭ ‬2022‭ ‬كتب‭ ‬‮"‬دانيال‭ ‬بيمان‮"‬‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮"‬ناشيونال‭ ‬إنترست‮"‬‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬جعلت‭ ‬الأمر‭ ‬يشبه‭: ‬‮"‬مرحلة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬أخيرًا،‭ ‬وأن‭ ‬عصر‭ ‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬رسميا‮"‬،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتجاهل‭ ‬صانعو‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬المخاطر‭ ‬المستمرة‭ ‬للمنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تهاجم‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقبل‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬فبراير،‭ ‬علق‭ ‬‮"‬كريستوفر‭ ‬كوستا‮"‬‭ ‬من‭ ‬‮"‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‮"‬،‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮"‬ذا‭ ‬هل‮"‬‭: ‬‮"‬إن‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومنافسة‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬ليستا‭ ‬خيارًا‭ ‬قابلًا‭ ‬للتطبيق‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬لواشنطن،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬بكلا‭ ‬الأمرين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‮"‬‭.‬

وعند‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬طرأ‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬استراتيجي‭ ‬غربي‭ ‬نحو‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لمنافسة‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬صاغ‭ ‬المحللون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬كنظام‭ ‬مهمل‭ ‬نسبيًا‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وأوضح‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اختلافاتهم‭ ‬العديدة‭ ‬حول‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والدفاعية،‭ ‬سعت‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬عاما‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ليحل‭ ‬محلها‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬‮"‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والقوى‭ ‬العظمى‭ ‬الأخرى‮"‬‭.‬

ولاحظ‭ ‬‮"‬رافايلو‭ ‬بانتوتشي‮"‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮"‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮"‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬هذا‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬قبل‭ ‬التهديدات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإرهاب‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعملية‭ ‬الأخيرة‭ ‬لقتل‭ ‬زعيم‭ ‬‮"‬القاعدة‮"‬‭ ‬‮"‬أيمن‭ ‬الظواهري‮"‬‭ ‬في‭ ‬‮"‬كابول‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬زعم‭ ‬أنه‭: ‬‮"‬طغى‭ ‬تقريبًا‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬‮"‬نانسي‭ ‬بيلوسي‮"‬‭ ‬لتايوان‮"‬،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬كيف‭ ‬اجتذب‭ ‬التنافس‭ ‬المتصاعد‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الدوليين‭ ‬ووكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬‮"‬داعش‮"‬‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وتصفية‭ ‬‮"‬الظواهري‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬خبراء‭ ‬أمنيين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬عددًا‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬العالمية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة،‭ ‬فقد‭ ‬علق‭ ‬‮"‬جاويد‭ ‬علي‮"‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮"‬ميشيغان‮"‬،‭ ‬بأنه‭: ‬‮"‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬اغتيال‭ ‬‮"‬الظواهري‮"‬‭ ‬ربما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬وربما‭ (‬نهائي‭) ‬للقاعدة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬خمس‭ ‬مجموعات‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬منتسبة‭ ‬‮"‬إلى‭ ‬القاعدة‮"‬،‭ ‬ولديها‭ ‬درجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬أو‭ ‬الهدف‭ ‬لشنّ‭ ‬هجمات‭ ‬ضد‭ ‬المصالح‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬الأمريكية‭ ‬محليًا‮"‬‭. ‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬نقاط‭ ‬ساخنة‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار،‭ ‬والتوسع‭ ‬المحتمل‭ ‬للتطرف‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المحور‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬لوحظ‭ ‬خطر‭ ‬سعي‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬لملء‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬خلفه‭ ‬غياب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬الغرب،‭ ‬ومع‭ ‬إيلاء‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص‭ ‬للكيفية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬المشكلات‭ ‬الأمنية‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬تخفيفها‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬بتحليل‭ ‬يفيد‭ ‬بأنه‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الموارد‭ ‬الغربية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ (‬تم‭ ‬سحبها‭ ‬أو‭ ‬حجبها‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬تدخلت‭ ‬مجموعات‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬لتعزيز‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية‭ ‬وشنّ‭ ‬هجمات‭ ‬باسم‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭.‬

أكثر‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬شهرة‭ ‬هي‭ ‬‮"‬مجموعة‭ ‬فاغنر‮"‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬نشطة‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والسودان،‭ ‬وجمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وموزمبيق‭ ‬ومدغشقر‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وجميع‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬وصفها‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬بأنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الإرهاب،‭ ‬الذي‭ ‬أخفق‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬معالجته‭ ‬أو‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬يوليه‭ ‬اهتماما،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬حالتين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬تتمثلان‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭ ‬ومالي،‭ ‬تشير‭ ‬‮"‬فيديريكا‭ ‬سايني‭ ‬فاسانوتي‮"‬‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬‮"‬بروكينغز‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬وضع‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭.. ‬ففي‭ ‬السابق،‭ ‬استأجرت‭ ‬حكومة‭ ‬موزمبيق‭ ‬‮"‬مجموعة‭ ‬فاغنر‮"‬‭ ‬لمكافحة‭ ‬التهديد‭ ‬المتطرف‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬‮"‬الشباب‮"‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبسبب‭ ‬عدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬التمرد‭ ‬المحلي‭ ‬والقوات‭ ‬العسكرية‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتعاون‭ ‬معها،‭ ‬فإن‭ ‬عمليات‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬الخاص‭ (‬فشلت‭ ‬فشلًا‭ ‬ذريعا‭).‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬التي‭ ‬وصفتها‭ ‬‮"‬فاسانوتي‮"‬‭ ‬بأنها‭ ‬دولة‭ ‬تنشط‭ ‬فيها‭ ‬مجموعة‭ ‬معقدة‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الجهادية‭ ‬العديدة‭ ‬وحركات‭ ‬الطوارق‭ ‬الإقليمية‭ ‬وغيرها،‭ ‬أدى‭ ‬الانسحاب‭ ‬العسكري‭ ‬الفرنسي،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري،‭ ‬إلى‭ ‬التقويض‭ ‬الشديد‭ ‬لاستدامة‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لأجل‭ ‬مكافحة‭ ‬التمرد‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مخافة‭ ‬تحولها‭ ‬اللاحق‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬العون‭ ‬من‭ ‬‮"‬فاغنر‮"‬‭.‬

ومع‭ ‬تكرار‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موزمبيق‭ ‬ومالي‭ ‬ومناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬تمت‭ ‬الاستعانة‭ ‬بتوغل‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬الروسية‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬رأى‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬أن‭ ‬‮"‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخارجية‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬حالة‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬ستخلق‭ ‬بدورها‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‮"‬،‭ ‬حيث‭ ‬حذر‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬ينتهي‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬تمامًا‭.‬

وقد‭ ‬أثيرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬إمكانية‭ ‬استخدام‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬للإرهاب‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وكتب‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭: ‬‮"‬كيف‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬وكلاء‭ ‬مسلحين‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‮"‬،‭ ‬وأوضح‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬أن‭ ‬‮"‬الأنشطة‭ ‬الإرهابية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬نفوذ‭ ‬دول‭ ‬عظمى‭ ‬وإقليمية‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬أوسع‭ ‬لزعزعة‭ ‬الاستقرار‭ ‬وإشعال‭ ‬فتيل‭ ‬حروب‭ ‬بالوكالة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬تعرض‭ ‬على‭ ‬رعاتها‭ ‬وأعضائها‭ ‬حرية‭ ‬إنكار‭ ‬أي‭ ‬تبعية‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬انتمائها‭ ‬الأيديولوجي‮"‬‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬روسيا‭ ‬دولة‭ ‬راعية‭ ‬للإرهاب‭ -‬حاليًا‭- (‬مثلما‭ ‬صنفت‭ ‬واشنطن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭) ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تندرج‭ ‬‮"‬موسكو‮"‬‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬التوصيف،‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬الأخير‭ ‬أن‭ ‬الانفصاليين‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬إسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬تجارية‭ ‬ماليزية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬باستخدام‭ ‬صواريخ‭ ‬مضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬قدمتها‭ ‬لهم‭ ‬‮"‬موسكو‮"‬،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬283‭ ‬شخصًا‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬متنها‭. ‬

وهناك‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها،‭ ‬وهي‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬النظامية‭ ‬التي‭ ‬تتعاون‭ ‬مع‭ ‬الكيانات‭ ‬الإرهابية‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تلبية‭ ‬المصالح‭ ‬المتبادلة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أوضح‭ ‬‮"‬ناثان‭ ‬سيلز‮"‬‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬‮"‬الظواهري‮"‬‭ ‬فإن‭ ‬المرشح‭ ‬الأكثر‭ ‬احتمالًا‭ ‬ليصبح‭ ‬القائد‭ ‬للـ"القاعدة‮"‬‭ ‬هو‭ ‬‮"‬سيف‭ ‬العدل‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مقربًا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬ينبغي‭ ‬توقع‭ ‬التعاون‭ ‬بعد‭ ‬توصلهما‭ ‬إلى‭ ‬توافق‭ ‬لاستهداف‭ ‬أعدائهم‭ ‬المشتركين‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وفي‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭ ‬اتهم‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬بـ‭(‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭) ‬مع‭ ‬‮"‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‮"‬‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬السورية،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮"‬موسكو‮"‬‭ ‬والمنظمة‭ ‬الإرهابية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهجمات‭ ‬بالمدفعية‭ ‬والغارات‭ ‬الجوية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة‭ ‬بينهما‭.‬

وعند‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬القوى‭ ‬لاستغلالها‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالحها،‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬المحللون‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الملموسة،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬العملية‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬‮"‬كوستا‮"‬‭ ‬أن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إبداء‭ ‬استجابة‭ ‬سريعة‭ ‬وجاهزة‭ ‬تتسم‭ ‬بالتجانس‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإرهابية‭: ‬‮"‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُنفذ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬وشركاء‭ ‬إقليميين‭ ‬موثوقين‭ ‬لتكون‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‮"‬،‭ ‬و‭ ‬أشار‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮"‬أدوات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأساسية‭ ‬مثل‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬وفهم‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬وتدريب‭ ‬القوات‭ ‬المحلية‭ ‬يبقى‭ ‬أمرًا‭ ‬حيويًا‭ ‬لتجنب‭ ‬التهديدات‭ ‬الراهنة‭ ‬والمستقبلية‮"‬‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كتب‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬‮"‬أن‭ ‬جهود‭ ‬قطع‭ ‬رأس‭ ‬القيادة‭ ‬بالمنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُنفذ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مخاطرة‭ ‬لمرتكبها‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لتصعيد‭ ‬التوتر‮"‬،‭ ‬وهكذا،‭ ‬أضاف‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭: ‬‮"‬فإن‭ ‬طبيعة‭ ‬سبل‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديد‭ ‬الإرهابي‭ ‬ودرجة‭ ‬الاستجابة‭ ‬تجاهه‭ ‬حاليًا‭ ‬غير‭ ‬مفهومة‭ ‬جيدًا‮"‬،‭ ‬وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬القائمة،‭ ‬علق‭ ‬الأخير‭ ‬قائلاً‭: ‬‮"‬لمجرد‭ ‬أننا‭ ‬توقفنا‭ ‬عن‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬مشكلة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‮"‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬‮"‬هارنيش‮"‬‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬‮"‬الظواهري‮"‬‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مرونة‭ ‬وتصميم‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬رادع‭ ‬لها‭ ‬حاليًا،‭ ‬وأشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬و"بيمان‮"‬‭ ‬و"كوستا‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نحو‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬والإقليمية‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الإرهاب‭ ‬لخدمة‭ ‬المصالح،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تفتقر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إلى‭ ‬تقدير‭ ‬المخاطر‭ ‬المستمرة‭ ‬للإرهاب‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغربي،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتصاعد‭ ‬التوترات‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬خَلُصَ‭ ‬‮"‬كوستا‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬‮"‬أن‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬القوية‭ ‬ستختبر‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬قدرات‭ ‬الولايات‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ومنافسة‭ ‬مساعي‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬لفرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجندتها‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‮"‬‭. ‬

وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬أن‭ ‬‮"‬أدوات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكية‭ ‬يجب‭ ‬تسخيرها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬سبل‭ ‬استخدام‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬للأنشطة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتنسيق‭ ‬الاستخبارات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬وحلفائها،‭ ‬وإتاحة‭ ‬الأدوات‭ ‬المالية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التمويل‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬لمثل‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عقوبات‭ ‬ضد‭ ‬الأفراد‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإرهابية‮"‬،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إجبار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬على‭ ‬قطع‭ ‬صلاتها‭ ‬بالإرهابيين‭ ‬سوف‭ (‬يثبت‭ ‬مدى‭ ‬صعوبته‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬بيمان‮"‬‭ ‬تساءل‭ ‬عن‭: ‬‮"‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للأسلحة‭ ‬التي‭ ‬شحذتها‭ ‬واستخدمتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإرهابية‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‮"‬‭.‬

وعلى‭ ‬العموم،‭ ‬عند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬ملامح‭ ‬مستقبل‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومخاطر‭ ‬اندماجه‭ ‬مع‭ ‬تحديات‭ ‬المنافسة‭ ‬المستقبلية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬خلص‭ ‬‮"‬بانتوتشي‮"‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮"‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬يندم‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يتمتع‭ ‬بالوضوح‭ ‬الكامل‭ ‬حيال‭ ‬فاعلية‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮"‬‭.

{ انتهى  }
bottom of page