top of page

29/6/2022

كيف ينظر الرأي العام البريطاني إلى سياسة بلاده الخارجية؟

في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬يُوجِه‭ ‬دفة‭ ‬الخطاب‭ ‬العام‭ ‬حول‭ ‬مسار‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية؛‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الدولية‭ ‬إزاء‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬دور‭ ‬النقاشات‭ ‬والرؤى‭ ‬السياسية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وخير‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬حقيقة‭ ‬أنه‭ ‬نادرًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬مسألة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬معارك‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬والرئاسية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عند‭ ‬مقارنة‭ ‬أهميتها‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭. ‬

ويتضح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬حينما‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬وصف‭ ‬57‭%‬‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬قضية‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مهمة‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬لأولوياتهم،‭ ‬وذكر‭ ‬79‭%‬‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الأكثر‭ ‬أهمية‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬اعتبر‭ ‬68‭%‬‭ ‬برامج‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬‮«‬العامل‭ ‬الرئيسي‮»‬‭ ‬لتحديد‭ ‬اختياراتهم‭ ‬الانتخابية‭. ‬وعليه،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬بروس‭ ‬ستوكس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬‭ -‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭- ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬يريدون‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬المقبل‭ ‬‮«‬التركيز‭ ‬أولاً‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‮»‬‭. ‬

وعندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬فيكتوريا‭ ‬هانيمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬ليدز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬قبيل‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬لعام‭ ‬2019،‭ ‬بدا‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬موضوعًا‭ ‬ملحًا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬التصريحات‭ ‬الحزبية‭ ‬مليئة‭ ‬‮«‬بعبارات‭ ‬جوفاء‭ ‬لا‭ ‬مغزى‭ ‬لها‮»‬،‭ ‬و«قليل‭ ‬من‭ ‬الإيضاحات‭ ‬الملموسة‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬ملامح‭ ‬البرامج‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وملف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ينبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فهم‭ ‬مواقف‭ ‬العامة‭ ‬ودرجة‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بالأحداث‭ ‬الخارجية‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬وتشكيل‭ ‬الخطاب‭ ‬إزاء‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬عمل‭ ‬أي‭ ‬حكومة‭. ‬ووفقا‭ ‬للمسح‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬‮«‬صوفيا‭ ‬جاستون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬التوجه‭ ‬العام‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬مستوى‭ ‬اهتمام‭ ‬البريطانيين‭ ‬بالشؤون‭ ‬الخارجية،‭ ‬قد‭ ‬انخفض‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬سابقًا‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬77‭%‬‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬كانوا‭ ‬‮«‬مهتمين‮»‬‭ ‬بقضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬انخفضت‭ ‬النسبة‭ ‬لتصبح‭ ‬71‭%‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬انخفضت‭ ‬أكثر‭ ‬إلى‭ ‬62‭%‬‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬26‭%‬‭ ‬آخرين‭ ‬أوضحوا‭ ‬اهتمامهم‭ ‬‮«‬للغاية‮»‬‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬أعرب‭ ‬29‭%‬‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬مختلطة‭ ‬وتضارب‭ ‬وتناقض‭ ‬آرائهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬واعترف‭ ‬9‭%‬،‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬تمامًا‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬لندن‭ ‬دوليًا‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬المواطنين،‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬مطلعون‭ ‬على‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬لبلادهم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬57‭%‬‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬إلى‭ ‬43‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬شعور‭ ‬33‭%‬‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬التذبذب‭ ‬‮«‬بين‭ ‬الاطلاع‭ ‬تارة،‭ ‬والافتقاد‭ ‬إليه‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬24‭%‬‭ ‬يعترفون‭ ‬بحقيقة‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬إطلاعهم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‮»‬‭. ‬

ولمزيد‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البريطانيين‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بقضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية؛‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬الدولية،‭ ‬بنسبة‭ (‬88‭%‬‭)‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يقرأون‭ ‬أي‭ ‬صحيفة‭ ‬ما،‭ ‬هم‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬احتمالية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‮»‬‭ ‬من‭ ‬الاهتمام،‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬لندن‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬وهم‭ ‬بنسبة‭ ‬49‭%‬‭ ‬فقط‮»‬‭.‬

وحول‭ ‬استعراض‭ ‬‮«‬المسح‮»‬،‭ ‬للمواقف‭ ‬العامة‭ ‬تجاه‭ ‬الهوية‭ ‬البريطانية‭ ‬وتناولها‭ ‬للشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬لاسيما‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬البريطانيون‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬أوروبيين‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مواطنين‭ ‬عالميين‮»‬،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬الجدل‭ ‬العام‭ ‬وما‭ ‬شهده‭ ‬من‭ ‬انقسام‭ ‬‮«‬حول‭ ‬عضوية‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بدأ‭ ‬يتلاشى‭ ‬في‭ ‬قوته‭ ‬وهيمنته‭ ‬على‭ ‬الأجندة‭ ‬السياسية‭ ‬حاليًا‮»‬،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬يخوض‭ ‬البريطانيون‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬تطورًا‭ ‬في‭ ‬ملامح‭ ‬هوياتهم‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الهوية‭ ‬الأوروبية‭ ‬محتفظًا‭ ‬بقوته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شريحة‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬المواطنين‮»‬‭. ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬جليًا‭ ‬عندما‭ ‬اختار‭ ‬49‭%‬‭ ‬منهم‭ ‬تعريفهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬أوروبيون‮»‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ45‭%‬‭ ‬من‭ ‬الرافضين‭ ‬لهذا‭ ‬التوصيف‭.‬

وبشأن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬البريطانيون‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬مواطنين‭ ‬عالميين‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬تبدو‭ ‬المملكة‭ ‬‮«‬منقسمة‭ ‬بشدة‮»‬‭ ‬بشأنه‭. ‬وانخفضت‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬اختارت‭ ‬تسمية‭ ‬أنفسها‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬من‭ ‬46‭%‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬42‭%‬‭ ‬عام‭ ‬2022‮«‬‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬تكاد‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬43‭%‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬استنتجت‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬البريطانيين‭ ‬لا‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬التحلي‭ ‬بهذا‭ ‬التوصيف‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬المنحى،‭ ‬اكتشف‭ ‬المسح‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬لا‭ ‬يُعتبر‭ ‬غالبية‭ ‬البريطانيين‭ ‬‮«‬مواطنين‭ ‬وطنيين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬انخفاض‭ ‬نسبتهم‭ ‬من‭ ‬53‭%‬‭ ‬إلى‭ ‬45‭%‬‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬64‭%‬‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬الذين‭ ‬تزيد‭ ‬أعمارهم‭ ‬على‭ ‬55‭ ‬عامًا‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬وطنيين»؛‭ ‬فإن‭ ‬35‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬ممن‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬35‭ ‬إلى‭ ‬54‭ ‬عامًا،‭ ‬و30‭%‬‭ ‬ممن‭ ‬تقل‭ ‬أعمارهم‭ ‬عن‭ ‬35‭ ‬عامًا؛‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬وطنيين‮»‬‭.‬

واستمرارًا‭ ‬لذلك،‭ ‬تناولت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬التصورات‭ ‬العامة‭ ‬حيال‭ ‬شعار‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬بريطانيا‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬طرحه‭ ‬خلال‮ «‬المراجعة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتكاملة للأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬والتنمية‭ ‬والسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لعام‭ ‬2021‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬معرفة‭ ‬المواطنين‭ ‬أو‭ ‬فهمهم‭ ‬لهذا‭ ‬الشعار‭ ‬‮«‬محدودة‮»‬‭. ‬ووصفت‭ ‬‮«‬جاستون‮»‬،‭ ‬مشروع‭ ‬بريطانيا‭ ‬العالمية،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مفهوم‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لعامة‭ ‬البريطانيين،‭ ‬مستشهدًة‭ ‬بالبيانات‭ ‬التي‭ ‬تُظهر‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬ممن‭ ‬خضعوا‭ ‬للمسح‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يسمعوا‭ ‬أبدًا‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬وأن‭ ‬12‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬يفهمون‭ ‬معناه‭ ‬تمامًا‭. ‬وبالمثل،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسباب‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬المراجعة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬ميل‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة،‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬المقبل»؛‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مفهومة‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطنين‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لسرد‭ ‬مبررات‭ ‬أكثر‭ ‬إقناعًا‮»‬،‭ ‬لتوجيه‭ ‬تمويل‭ ‬واستنفاد‭ ‬طاقات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منطقة‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القرب‭ ‬الجغرافي‮»‬‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭.‬

وحول‭ ‬فهم‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬تجاه‭ ‬حلفاء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وشركائها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬مصداقيتهم‭ ‬المتصورة‭ ‬ومدى‭ ‬ثقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حيالهم؛‭ ‬وجد‭ ‬‮«‬المسح‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعتبر‭ ‬ظاهريًا‭ ‬أقرب‭ ‬حليف‭ ‬للمملكة‭ ‬بنسبة‭ (‬42‭%‬‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬تتقدمان‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬معيار‭ ‬الجدارة‭ ‬بالثقة‭ ‬وممارستهما‭ ‬لأدوارهما‭ ‬الدولية‭. ‬وحازت‭ ‬‮«‬برلين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬إجماع‭ ‬نسبته‭ ‬63‭%‬،‭ ‬و«باريس‮»‬‭ ‬55‭%‬،‭ ‬و«واشنطن‮»‬،‭ ‬بنسبة‭ ‬51‭%‬‭ ‬خلفهما‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬يتضح‭ ‬عدم‭ ‬الارتياح‭ ‬حيال‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬أيضا‭. ‬ووجد‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬مارشال‭ ‬الألماني‮»‬،‭ ‬في‭ ‬يونيو2021،‭ ‬أن‭ ‬التصورات‭ ‬الألمانية‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬الموثوقية‭ ‬بواشنطن‭ ‬عبر‭ ‬أوروبا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مختلطة‮»‬،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬51‭%‬‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين‭ ‬الألمان‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬الصندوق‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬‮«‬فرنسا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وهولندا‭ ‬والسويد‭ ‬وتركيا‮»‬،‭ ‬يرون‭ ‬ألمانيا‭ ‬‮«‬الشريك‭ ‬الأكثر‭ ‬موثوقية‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬أوروبا‭. ‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬أشارت‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬جالوب‮»‬‭ ‬لاستطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬أن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعتبرون‭ ‬‮«‬كندا،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬واليابان‮»‬،‭ ‬حلفاءهم‭ ‬الأكثر‭ ‬موثوقية،‭ ‬بينما‭ ‬حصلت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭ ‬على‭ ‬تصنيف‭ ‬نسبته‭ ‬20‭%‬‭ ‬فقط‭. ‬وبالمثل،‭ ‬سجلت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬انعدام‭ ‬ثقة‭ ‬البريطانيين‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬بنسبة‭ ‬81‭%‬‭. ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬يثقون‭ ‬بمدى‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬دورها‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬9‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬‮«‬يثقون‭ ‬بها‭ ‬لأقصى‭ ‬درجة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬جاستون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬ذهبت‭ ‬لروسيا‮»‬‭. ‬وأعرب‭ ‬91‭%‬‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬ثقتهم‭ ‬بموسكو،‭ ‬بينما‭ ‬5‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬ثقتهم‭ ‬الكاملة‭ ‬فيها‭. ‬وبالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬الأطياف‭ ‬السياسية،‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الثقة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬94‭%‬‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬المنتمين‭ ‬للمحافظين،‭ ‬و92‭%‬‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬المنتمين‭ ‬لحزب‭ ‬العمال‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬الليبراليين،‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬أدنى‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭. ‬وقدرت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬45‭%‬‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بكين،‭ ‬وموسكو‮»‬،‭ ‬‮«‬خصمان‭ ‬خطيران‭ ‬بنفس‭ ‬الدرجة‮»‬‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمخاوف‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستهدف‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬البريطاني،‭ ‬وجدت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إثارتها؛‭ ‬هي‭ ‬‮«‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬،‭ ‬و«الأعمال‭ ‬الإرهابية‮»‬،‭ ‬و‮«‬القوة‭ ‬الصاعدة‭ ‬للصين‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬وجدت‭ ‬دراسة‭ ‬لمركز‭ ‬‮«‬بيو‮»‬‭ ‬للأبحاث‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‮»‬،‭ ‬و«المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‮»‬،‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬التهديدات‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بنسبة‭ (‬71‭%‬‭ ‬و70‭%‬‭ ‬على‭ ‬التوالي‭)‬،‭ ‬تليها‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬توسع‭ ‬نفوذ‭ ‬الصين‭ (‬67‭%‬‭)‬،‭ ‬والعدوان‭ ‬الروسي‭ (‬64‭%‬‭).‬

ووفقًا‭ ‬لوجهات‭ ‬النظر‭ ‬البريطانية‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬خلال‭ ‬المسح؛‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬جاستون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التحولات‭ ‬الجذرية،‭ ‬وتراجع‭ ‬الأدوار،‭ ‬والمواقف‭ ‬الدولية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«النفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬للصين‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬شبح‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‮»‬؛‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬‮«‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬والعالمي‮»‬‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمواقف‭ ‬العامة‭ ‬تجاه‭ ‬الاعتراف‭ ‬بـ«فوائد‭ ‬العولمة‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬البريطانيين،‭ ‬اكتشفت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬‮«‬انخفض‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬بات‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إجماع‭ ‬واضح‮»‬‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬طريقة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬‮«‬الهجرة‮»‬‭ ‬من‭ ‬المنظور‭ ‬البريطاني‮»‬‭. ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بدعم‭ ‬برامج‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية،‭ ‬وُجد‭ ‬أن‭ ‬34‭%‬‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬التزامات‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بالتنمية‭ ‬الدولية‭ -‬والتي‭ ‬تم‭ ‬تقليصها‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭- ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬كذلك،‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬24‭%‬‭ ‬آخرون‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬استعادة‭ ‬تمويلها‭ ‬عندما‭ ‬تصل‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬البريطانية‭ ‬‮«‬لمستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الوباء‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬المسح‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تجميعها‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جاستون‮»‬،‭ ‬استشهدت‭ ‬به‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬حدثًا‭ ‬مهمًا‭ ‬سيعكس‭ ‬معالم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬فعليًا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬معاييرها‭ ‬التقييمية‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬آراء‭ ‬البريطانيين‭ ‬‮«‬عند‭ ‬مواجهتهم‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المفاضلات‭ ‬والخيارات‭ ‬الافتراضية‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬الغزو‮»‬‭. ‬وسجل‭ ‬37‭%‬‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬سمعتها‭ ‬العالمية‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬أُشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬17‭%‬‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬أمرا‭ ‬سلبيا‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬27‭%‬‭ ‬‮«‬غير‭ ‬متأكدين‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬جدوى‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‮»‬‭. ‬وبالنهاية،‭ ‬تم‭ ‬تصوير‭ ‬البريطانيين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬متشككون‭ ‬إزاء‭ ‬المشاركة‭ ‬العسكرية‮»‬،‭ ‬واقتصار‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬‮«‬هجمات‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬أو‭ ‬المنشآت‭ ‬البريطانية‮»‬‭. ‬

وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬‮«‬دعمًا‭ ‬صريحًا‮»‬‭ ‬لمساعدة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬لكنها‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬إحجامًا‮»‬‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬العسكرية‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مناطق‭ ‬نزاع‭ ‬غربية‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭. ‬وفي‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬أشار‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬بيو‮»‬‭ ‬للأبحاث،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬بإرسال‭ ‬أسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬قد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬قوي‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬حيث‭ ‬وافق‭ ‬71‭%‬‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الدعم،‭ ‬و31‭%‬‭ ‬آخرين‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬المزيد‭ ‬للمساعدة‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬تدخل‭ ‬مباشر‭. ‬وفي‭ ‬أوروبا،‭ ‬وجد‭ ‬استطلاع‭ ‬رأي‭ ‬أجراه‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأوروبيين‭ ‬يشعرون‭ ‬بتضامن‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬و‮«‬يدعمون‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬روسيا»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬انقسامًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬نهاية‭ ‬حتمية‭ ‬للصراع‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن،‭ (‬بنسبة‭ ‬بلغت‭ ‬35‭%‬‭)‬،‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬لتأمين‭ ‬هزيمة‭ ‬موسكو‭ ‬عسكريًا‭ (‬25‭%‬‭).‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المسح‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬انخفاضًا‭ ‬في‭ ‬اهتمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬البريطاني‭ ‬بالشؤون‭ ‬الخارجية،‭ ‬وازدادت‭ ‬نسبة‭ ‬هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬حاليًا‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نظرة‭ ‬عامة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬بات‭ ‬يتراجع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬فإن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬فعله‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاهتمام‭ ‬العام‭ ‬بالشؤون‭ ‬الخارجية‭. ‬

ولمعالجة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬إلين‭ ‬ديلين‮»‬،‭ ‬و«كريستين‭ ‬لورد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬مارشال‭ ‬الألماني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬ستكون‭ ‬أداة‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الدعم‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬الراهنة‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬على‭ ‬السفارات‭ ‬الأوروبية‭ ‬باختلافها‭ ‬إبقاء‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬بتلك‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬البث‭ ‬الخارجي‭ ‬والمحطات‭ ‬الإذاعية‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬وصحة‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬والتحليلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأحداث‭ ‬والقضايا‭ ‬الدولية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تجاهل‭ ‬التهديدات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحملات‭ ‬التضليل‭ ‬المتعمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬ما،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬حث‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تقليل‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬التصورات‭ ‬العامة‭ ‬حيال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭.

ومع‭ ‬تطور‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬كافية‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬لإزاحة‭ ‬الآخر؛‭ ‬اتخذت‭ ‬التداعيات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للحرب‭ ‬بعدًا‭ ‬عالميًا‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬الغذاء‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬سببها‭ ‬حصار‭ ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬أثر‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المستهلكين‭ ‬الأوروبيين‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬إيفان‭ ‬كراستيف‮»‬،‭ ‬و«مارك‭ ‬ليونارد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأوروبي‭ ‬آخذ‭ ‬في‭ ‬التحول‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬انقساما‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬يريدون‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‮»‬،‭ (‬معسكر‭ ‬السلام‭)‬،‭ ‬و«الذين‭ ‬يريدون‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬حتى‭ ‬هزيمة‭ ‬روسيا‮»‬‭ (‬معسكر‭ ‬العدالة‭).‬

وانعكس‭ ‬هذا‭ ‬التقسيم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي،‭ ‬حيث‭ ‬التزمت‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتبنى‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬هزيمة‭ ‬روسيا‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬يهدد‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بتقويض‭ ‬الرد‭ ‬الغربي‭ ‬الموحد‭ ‬ضد‭ ‬العدوان‭ ‬الروسي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ترك‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬وعواقبه‭ ‬السلبية‭ ‬العديدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬معالجة‭.‬

وتتناقض‭ ‬الاختلافات‭ ‬السياسية‭ ‬الحالية‭ ‬مع‭ ‬الاستجابة‭ ‬الغربية‭ ‬الموحدة‭ ‬لاندلاع‭ ‬الصراع‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬كراستيف‮»‬،‭ ‬و«ليونارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬‮«‬فاجأوا‭ ‬بوتين‭ ‬وأنفسهم‭ ‬بوحدتهم‭ ‬وحسمهم‮»‬‭. ‬وتمثلت‭ ‬القوة‭ ‬الدافعة‭ ‬للموقف‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬‮«‬غضبها‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الروسي‭ ‬وانبهارها‭ ‬ببسالة‭ ‬المقاومة‭ ‬الأوكرانية‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بروكسل‮»‬،‭ ‬تريد‭ ‬للأوكرانيين‭ ‬‮«‬العيش‭ ‬معنا‭ ‬بالحلم‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التكاليف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬استعداد‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬لانتظار‭ ‬هزيمة‭ ‬روسية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭ ‬تنازلات‭ ‬أوكرانية‭.‬

وأوضحت‭ ‬‮«‬ديان‭ ‬فرانسيس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬تشعر‭ ‬بآثار‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬وطوفان‭ ‬اللاجئين‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الغزو‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية،‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬بتخفيض‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬نوردستريم‭ ‬إلى‭ ‬40‭%‬‭ ‬من‭ ‬طاقته‭. ‬وأشارت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبرج‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صادرات‭ ‬الغاز‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ألمانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وإيطاليا‮»‬،‭ ‬تم‭ ‬‮«‬تقييدها‮»‬‭. ‬وأكدت‭ ‬مديرة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬أفريل‭ ‬هينز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬عزم‭ ‬واشنطن‭ ‬وبروكسل‭ ‬على‭ ‬التراجع»؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفاقم‭ ‬‮«‬نقص‭ ‬الغذاء،‭ ‬والتضخم،‭ ‬وأسعار‭ ‬الطاقة‮»‬‭.‬

وتباينت‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تجهيز‭ ‬نفسه‭ ‬لحرب‭ ‬طويلة‮»‬،‭ ‬ومواجهة‭ ‬محاولات‭ ‬بوتين‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬أوكرانيا»؛‭ ‬واصل‭ ‬قادة‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬الحوار‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬شولتز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬المحادثات‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ضرورية‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬وأصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬و‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬سيمضيان‭ ‬قدما‭ ‬فيها‭. ‬وعلق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيطالي،‭ ‬‮«‬ماريو‭ ‬دراجي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬شعبه‭ ‬‮«‬يريد‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬المذابح‮»‬،‭ ‬وتسهيل‭ ‬‮«‬مفاوضات‭ ‬ذات‭ ‬مصداقية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬قوبل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬بانتقادات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين،‭ ‬حيث‭ ‬وُصف‭ ‬بمحاولة‭ ‬‮«‬التهدئة‮»‬،‭ ‬وإضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬يخوض‭ ‬حربًا‭ ‬غير‭ ‬مُبررة‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬اللوم‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬مايو‭ ‬عندما‭ ‬حث‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إذلال‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬خشية‭ ‬تقويض‭ ‬شروط‭ ‬المفاوضات‭ ‬‮«‬اللاحقة‮»‬‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬كاتيا‭ ‬هوير‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬‮«‬بدأت‭ ‬بها‭ ‬برلين‭ ‬وروما‮»‬‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬‮«‬من‭ ‬خلال‭ ‬السماح‭ ‬لشركات‭ ‬الطاقة‭ ‬بإجراء‭ ‬عمليات‭ ‬شراء‭ ‬بالروبل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اعتبار‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬غير‭ ‬مدروسة‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬الأوروبيين‭ ‬تجاه‭ ‬المناقشات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬تعكس‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الآراء‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬القارة،‭ ‬حيث‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬35‭%‬‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين‭ ‬يريدون‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‮»‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ25‭%‬‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬معاقبة‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬عدوانها‭ ‬يبقى‭ ‬‮«‬الهدف‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحًا‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬تُظهر‭ ‬البيانات‭ ‬أن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬يلومون‭ ‬روسيا‭ ‬بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ (‬73‭%‬‭)‬،‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬52‭%‬‭ ‬من‭ ‬الإيطاليين،‭ ‬و49‭%‬‭ ‬من‭ ‬الألمان،‭ ‬و41‭%‬‭ ‬من‭ ‬الفرنسيين‭ ‬يسعون‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬أسرع‭ ‬نهاية‭ ‬ممكنة‭ ‬للحرب‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الألمان‭ ‬يؤيدون‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬إرسال‭ ‬مساعدات‭ ‬عسكرية‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ (‬52‭%‬‭)‬؛‭ ‬يرى‭ ‬45‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإيطاليين‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭. ‬ويشير‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬كراستيف‮»‬،‭ ‬و‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصراع،‭ ‬هي‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬‮»‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬شيء‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬‮«‬سيعارضون‭ ‬استمرار‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬تناقض‭ ‬واضح‭ ‬مع‭ ‬هذا،‭ ‬وجد‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بولندا‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬نسبة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬معاقبة‭ ‬روسيا‭. ‬كما‭ ‬وجد‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬77‭%‬‭ ‬من‭ ‬البولنديين‭ ‬‮«‬يريدون‭ ‬قطع‭ ‬جميع‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬وأن‭ ‬78‭%‬‭ ‬يؤيدون‭ ‬‮«‬إرسال‭ ‬أسلحة‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مستوى‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المتوسط‭ ‬القاري‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الانقسامات،‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬كراستيف‮»‬،‭ ‬و«ليونارد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يتعطل‭ ‬بسبب‭ ‬انقساماته‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬التقاعس‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أزمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تهميش‭ ‬دائم‭ ‬لأوروبا‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي‮»‬‭. ‬وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬المتزايد،‭ ‬حثا‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬‮«‬آلية‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬الوحدة،‭ ‬وتجنب‭ ‬تزايد‭ ‬حدة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬بينها‭.‬‮»‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تتمسك‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«لندن‮»‬،‭ ‬بتزويد‭ ‬‮«‬كييف‮»‬،‭ ‬بالدعم‭ ‬الذي‭ ‬تحتاجه‭ ‬للتصدي‭ ‬للعدوان‭. ‬ورغم‭ ‬تأثر‭ ‬البلدين‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة؛‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬استطاعا‭ ‬أن‭ ‬يكونا‭ ‬أقل‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬لمواصلة‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ضدها‭. ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬قدمت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬54‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬المساعدات،‭ ‬منها‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مساعدات‭ ‬عسكرية‭. ‬وصرح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬لويد‭ ‬أوستن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬دولة‭ ‬ضعيفة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬تكرار‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‮»‬‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬فيليسيا‭ ‬شوارتز‮»‬،‭ ‬و«آمي‭ ‬كازمين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الفاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الوضوح‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬تعتقد‭ ‬واشنطن‭ ‬أن‭ ‬بإمكانها‭ ‬تقديمه‭ ‬لأوكرانيا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أية‭ ‬إيضاحات‭ ‬حول‭ ‬آليات‭ ‬فرض‭ ‬الهزيمة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لروسيا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‮»‬،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التنازلات،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬كييف‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬قبولها‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬انقسامات‭ ‬بين‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«لندن‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬مقدار‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬شوارتز‮»‬،‭ ‬و«كازمين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالانزعاج‭ ‬‮«‬من‭ ‬اللهجة‭ ‬الحادة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وجهتها‭ ‬لندن‭ ‬إليهم‭ ‬لتقديم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدة‭ ‬لأوكرانيا‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬شابيرو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البريطانيين‭ ‬‮«‬يتقدمون‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بعض‭ ‬خطوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‮»‬‭. ‬ووجد‭ ‬استطلاع‭ ‬رأي‭ ‬نشره‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أن‭ ‬22‭%‬‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬‮«‬السلام‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬تقديم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تنازلات‭. ‬واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬تم‭ ‬حث‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬كييف‮»‬‭. ‬وشدد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو،‭ ‬‮«‬ينس‭ ‬ستولتنبرغ‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬لها‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يُقارن‭ ‬‮«‬بالخسائر‭ ‬التي‭ ‬تتكبدها‭ ‬يوميًا‭ ‬جراء‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬تشارلز‭ ‬كوبشان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬تاون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬التفاوضي‭ ‬للصراع،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الخيار‭ ‬الصائب‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عاجلاً‭ ‬وليس‭ ‬آجلاً‮»‬،‭ ‬واصفًا‭ ‬الحجة‭ ‬القائلة‭ ‬بأن‭ ‬الهزيمة‭ ‬الحاسمة‭ ‬لروسيا‭ ‬فقط،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستردع‭ ‬أي‭ ‬مخطط‭ ‬لشن‭ ‬عدوان‭ ‬مستقبلي‭ ‬تجاه‭ ‬أي‭ ‬دولة،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬حجة‭ ‬خاطئة‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬‮«‬تعرقل‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‮»‬‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬‮«‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يهمه‭ ‬انتهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬لذلك،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬من‭ ‬الحنكة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التهدئة‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬على‭ ‬كييف‭ ‬التفاوض‭ ‬وبدء‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬تسوية‭ ‬إقليمية‮»‬‭.‬

في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬آن‭ ‬أبلباوم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬أتلانتيك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬لم‭ ‬تهتم‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬نظريًا‭ ‬بها‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬جنيف‭ ‬لأسرى‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬أية‭ ‬تسوية‭ ‬لن‭ ‬تنهي‭ ‬العدوان‭ ‬أو‭ ‬بإمكانها‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‮»‬،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬توصي‭ ‬بمنح‭ ‬الأراضي‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬لموسكو‭ ‬معناها‭ ‬‮«‬مكافأتها‭ ‬على‭ ‬غزوها‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬رد‭. ‬

وكتب‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬بلانك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬أبحاث‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موجات‭ ‬التعاطف‭ ‬الغربية‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬مؤشرًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬التردد‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الفشل‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬الطبيعة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للحرب‭ ‬الحالية‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬استرضاء‭ ‬روسيا‭ ‬لن‭ ‬ينهي‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬يؤمن‭ ‬فرصة‭ ‬لاستتباب‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التنازلات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقوية‭ ‬شوكة‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬و«إضعاف‭ ‬الغرب‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬بول‭ ‬نيلاند‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬تدمير‭ ‬البلدات‭ ‬والمدن‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأوهام‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬بوتين‮»‬‭.‬

ولعل‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬الغربية‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أيضًا‭ ‬موقف‭ ‬روسيا‭ ‬نفسها‭. ‬ورغم‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬صامويل‭ ‬شاراب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬راند‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬سوف‭ ‬تضعف‭ ‬قواها‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬معزولة،‭ ‬وفقيرة‮»‬،‭ ‬و«محاطة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الناتو»؛‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬موسكو‭ ‬أي‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬أية‭ ‬مفاوضات‭ ‬أو‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ضاعف‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خطابه‭ ‬المعادي‭ ‬للغرب‭ ‬والتزامه‭ ‬بالحرب‭. ‬وخلال‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬منتدى‭ ‬سان‭ ‬بطرسبورج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ ‬بلاده‭ ‬ستخرج‭ ‬‮«‬أقوى‮»‬‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬جميع‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭ ‬ضدها،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬بروكسل‮»‬،‭ ‬‮«‬فقدت‭ ‬سيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬تمامًا‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الحرب‭ ‬تحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬في‭ ‬روسيا‭. ‬ووجدت‭ ‬دراسة‭ ‬أجراها‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬ليفادا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬التأييد‭ ‬لغزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بلغت‭ ‬77‭%‬‭ ‬بين‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬بيتر‭ ‬ديكنسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬محبطة‭ ‬لانعدام‭ ‬أي‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬عنيفة‭ ‬داخل‭ ‬روسيا‭ ‬حيال‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬ضغوط‭ ‬داخلية‭ ‬للانسحاب‭ ‬أو‭ ‬السعي‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬تُظهر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غالبية‭ ‬الروس‭ ‬قد‭ ‬قبلوا‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب‭ ‬اليوم‭ ‬باعتبارها‭ ‬وضعا‭ ‬طبيعيا‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬قد‭ ‬تطورت‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف‭ ‬لا‭ ‬تحسمها‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬الوحدة‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬ضرورة‭ ‬إنهائها‭. ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬كون‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأوروبي‭ ‬منقسما،‭ ‬إزاء‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تصدي‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬للعقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬والضغوط‭ ‬السياسية،‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭.‬

وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬شوارتز‮»‬،‭ ‬و«كازمين‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يؤكد‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القرارات‭ ‬النهائية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬قدرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬‮«‬السلاح‭ ‬والمال‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تتلقاهما‭ ‬من‭ ‬‮«‬أمريكا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬مواصلة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬دعمها‭ ‬القوي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬عسكريًا‭ ‬ودبلوماسيًا،‭ ‬فإنها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أفضل‭ ‬لممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬مستقبلية‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يضعف‭ ‬الوحدة‭ ‬الأوروبية‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.

{ انتهى  }
bottom of page