top of page

11/5/2022

قراءة في المشهد الاقتصادي العالمي الراهن

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬المعنية‭ ‬بحفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وحل‭ ‬المشاكل‭ ‬الدولية‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية؛‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬بعملية‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬فبراير2022،‭ ‬استباقًا‭ ‬لانضمام‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬ملاصقا‭ ‬لأمنها،‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬مباشرة‭. ‬ويعيد‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الاستباقي،‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬حينما‭ ‬قامت‭ ‬بغزو‭ ‬‮«‬أفغانستان‮»‬،‭ ‬و«العراق‮»‬،‭ ‬بدعوى‭ ‬وجود‭ ‬مصادر‭ ‬تهديد‭ ‬لأمنها‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬شرعت‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬قادت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬سلسلة‭ ‬ممتدة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬ضدها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬لـ«كييف‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬‮«‬ساحة‭ ‬صراع‭ ‬روسي،‭ ‬غربي‭ ‬مباشر‮»‬،‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬المنافس‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬منتصرًا،‭ ‬أو‭ ‬محققًا‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬إليها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬لم‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الأعباء‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الباهظة‭ ‬التي‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتعاون‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬أو‭ ‬تقود‭ ‬تحالفا‭ ‬دوليا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأخطار،‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الإنسانية‭ ‬وكوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬إذا‭ ‬بالتهور‭ ‬السياسي‭ ‬يجعل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الآمال‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬وحدها‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬السلام،‭ ‬المتمسكة‭ ‬بشرعية‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية،‭ ‬الحريصة‭ ‬على‭ ‬بقائها‭ ‬ودورها‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية،‭ ‬يُقدر‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قصير،‭ ‬إذا‭ ‬بها‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬شهور،‭ ‬وترتفع‭ ‬درجة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتطوراتها‭. ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬‭ - ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬بدايتها،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي‭- ‬خفض‭ ‬تقديراته‭ ‬لنمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ليبلغ‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬المتوقع‭ ‬3‭.‬6‭%‬‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬قُدر‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬السابق‭ ‬قبل‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬بـ4‭.‬4‭%‬،‭ ‬كما‭ ‬توقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬ليبلغ‭ ‬5‭.‬7‭%‬،‭ ‬بزيادة‭ ‬1‭.‬8‭%‬‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬السابق،‭ ‬وفي‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬إلى‭ ‬8‭.‬7‭%‬‭ ‬بزيادة‭ ‬2‭.‬8‭%‬‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬السابق،‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬3‭.‬7‭%‬،‭ ‬والصيني‭ ‬4‭.‬4‭%‬،‭ ‬والبريطاني‭ ‬3‭.‬7‭%‬،‭ ‬ودول‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭ ‬2‭.‬8‭%‬،‭ ‬وألمانيا‭ ‬2‭.‬1‭%‬،‭ ‬وتوقع‭ ‬انكماش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬بنسبة‭ ‬8.5‭%‬‭ ‬والأوكراني‭ ‬بنسبة‭ ‬35‭%‬‭.‬

هذا‭ ‬التباطؤ‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬معدلات‭ ‬تضخم‭ ‬مرتفعة،‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الكساد‭ ‬التضخمي،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬ينخفض‭ ‬فيها‭ ‬الميل‭ ‬للاستثمار‭. ‬ويؤدي‭ ‬انخفاض‭ ‬المبيعات‭ ‬إلى‭ ‬تراكم‭ ‬المخزون‭ ‬وإغلاق‭ ‬المصانع،‭ ‬والاستغناء‭ ‬عن‭ ‬العمالة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬وانخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة،‭ ‬وانخفاض‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الشراء،‭ ‬فضلاً‭ ‬عما‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬معدلات‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬إقليم،‭ ‬لكنها‭ ‬تطول‭ ‬موردين‭ ‬رئيسيين‭ ‬للطاقة‭ ‬والمعادن‭ ‬والأغذية،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬فإن‭ ‬أثارها‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬الذي‭ ‬يلجأ‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ينتجه‭ ‬من‭ ‬سلع‭ ‬لمصلحة‭ ‬مواطنيه‭ ‬أولاً،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬المعروض‭ ‬الدولي‭ ‬المتاح‭ ‬للتجارة‭.‬

وقبل‭ ‬الحرب،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬والذي‭ ‬رفع‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬100‭ ‬دولار‭ ‬للبرميل،‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬الشحن‭ ‬والنقل،‭ ‬وأطلق‭ ‬موجة‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭. ‬ومع‭ ‬تواتر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسي‭ -‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬روسيا‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مصدري‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬تزود‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بـ40‭%‬‭ ‬من‭ ‬غازه‭ ‬و27‭%‬‭ ‬من‭ ‬نفطه‭- ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬115‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭.‬

ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الوقود،‭ ‬سجلت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬تضخمها‭ ‬منذ‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الأول‭ ‬لاندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وزادت‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬5‭%‬‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬زيادة‭ ‬سنوية‭ ‬منذ‭ ‬ديسمبر‭ ‬1981‭. ‬وفيما‭ ‬أدت‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬حجب‭ ‬صادرات‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬والذرة‭ ‬وزيت‭ ‬عباد‭ ‬الشمس،‭ ‬فقد‭ ‬حققت‭ ‬أسعار‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬قفزة‭ ‬هائلة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تستورد‭ ‬فيه‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬نحو50‭%‬‭ ‬من‭ ‬استهلاكها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الدولتين‭ ‬تسهمان‭ ‬بنسبة‭ ‬29‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬العالمية،‭ ‬و19‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الذرة،‭ ‬و80‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬زيت‭ ‬عباد‭ ‬الشمس‭.‬

وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لذلك،‭ ‬وبسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬التضخم،‭ ‬قام‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬برفع‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬القياسي،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬بالتبعية‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬كل‭ ‬الاقتصادات‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬عملاتها‭ ‬بالدولار‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة،‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬رفع‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬كإنجلترا،‭ ‬والهند،‭ ‬واستراليا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬رفع‭ ‬كلفة‭ ‬التمويل،‭ ‬وجعل‭ ‬عملية‭ ‬الاقتراض‭ ‬أكثر‭ ‬كلفة‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬والحكومات،‭ ‬وشجع‭ ‬على‭ ‬إيداع‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬المصارف‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفائدة‭ ‬المرتفعة،‭ ‬وتهدئة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭.‬

وانعكاسًا‭ ‬لهذا،‭ ‬دفع‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬زيادة‭ ‬التباطؤ‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وعمليات‭ ‬الإغلاق‭ ‬التي‭ ‬تلجأ‭ ‬إليها‭ ‬الصين؛‭ ‬بسبب‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬هجرة‭ ‬الأموال‭ ‬المستثمرة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬الناشئة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬المعروض‭ ‬في‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعرها‭ ‬إزاء‭ ‬العملات‭ ‬المحلية،‭ ‬وانخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬العملات‭ ‬المحلية،‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الأعباء‭ ‬الحكومية،‭ ‬سواء‭ ‬لخدمة‭ ‬الدين،‭ ‬أو‭ ‬تعويض‭ ‬المواطنين‭ ‬بحزم‭ ‬حماية‭ ‬اجتماعية‭ ‬نتيجة‭ ‬انخفاض‭ ‬دخولها‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬النظام‭ ‬النقدي‭ ‬العالمي،‭ ‬يشهد‭ ‬‮«‬تغيرًا‭ ‬جديدًا‮»‬،‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬العملات‭. ‬فبعد‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الضخمة‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬أعلنت‭ ‬الأخيرة‭ ‬سداد‭ ‬قيمة‭ ‬مبيعاتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بالروبل‭. ‬وأصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬مرسومًا‭ ‬يحدد‭ ‬نظاما‭ ‬جديدا‭ ‬لدفع‭ ‬ثمن‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشترين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الصديقة‭ ‬لموسكو‭. ‬وذكرت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬بالروبل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتهاك‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬‭. ‬وبالفعل،‭ ‬قام‭ ‬مشترون‭ ‬أوروبيون‭ ‬بالدفع‭ ‬بالروبل‭ ‬مقابل‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬تجميد‭ ‬حسابات‭ ‬روسيا‭ ‬بالدولار،‭ ‬واليورو،‭ ‬فإنه‭ ‬عزز‭ ‬سيادتها‭ ‬وقوى‭ ‬عملتها‭. ‬وبالفعل،‭ ‬أدى‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬تعويض‭ ‬الخسارة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي،‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬عليه‭. ‬وقد‭ ‬يدفع‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ -‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الناشئة‭- ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬التعاملات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وهذه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬بالعملات‭ ‬الوطنية‭ ‬لها،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬روسيا‭ ‬ونفوذها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاقتصادات،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬التنوع‭ ‬الذي‭ ‬ينعم‭ ‬به‭ ‬اقتصادها‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬دولا‭ ‬أخرى،‭ ‬مهددة‭ ‬بالعقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬مماثل‮»‬‭. ‬ولطالما‭ ‬سعت‭ ‬‮«‬بكين‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لجعل‭ ‬عملتها‭ ‬عملة‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬شأنها‭ ‬شأن‭ ‬الدولار،‭ ‬والين،‭ ‬واليورو،‭ ‬والاسترليني،‭ ‬أخذًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬احتياطيات‭ ‬الصين‭ ‬الدولارية‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬عالميًا،‭ ‬وتبلغ‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬11‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬الراهن‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للقطاع‭ ‬الزراعي،‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬السكان‭ ‬الغذائية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬السياسية‭ ‬المعرقلة‭ ‬لهذا‭ ‬التعاون،‭ ‬حيث‭ ‬كشفت‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مخاطر‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬واحد،‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬لتأمين‭ ‬الغذاء‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬أنديرا‭ ‬غاندي‮»‬،‭ ‬مستوردًا‭ ‬أساسيا‭ ‬للقمح،‭ ‬لكنها‭ ‬بالإرادة‭ ‬استطاعت‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬وصارت‭ ‬مُصدرًا‭ ‬لهذه‭ ‬السلعة‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

وفي‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬تبلغ‭ ‬فجوة‭ ‬القمح‭ ‬الحالية‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬طن‭. ‬وأحدثت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬أزمة‭ ‬خاصة‭ ‬لدى‭ ‬كبار‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المستوردة‭ ‬للحبوب‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬‮«‬مصر،‭ ‬والمغرب،‭ ‬والجزائر،‭ ‬واليمن،‭ ‬والسودان‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قفزت‭ ‬أسعار‭ ‬القمح‭ ‬لأعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬منذ‭ ‬9‭ ‬سنوات،‭ ‬وإلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬ضعف‭ ‬سعر‭ ‬موازنات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المستوردة‭. ‬وتستحوذ‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة‭ ‬على‭ ‬25‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬العالمية،‭ ‬وتستورد‭ ‬نحو‭ ‬60‭%‬‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬لانخفاض‭ ‬أسعارها‭. ‬وقبل‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تزود‭ ‬الدولتان،‭ ‬السوق‭ ‬العالمي‭ ‬بـ60‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭/‬2022،‭ ‬لكن‭ ‬بمجرد‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬تم‭ ‬تخفيض‭ ‬توقعات‭ ‬تصدير‭ ‬القمح‭ ‬الروسي‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭%‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2021،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مصر‮»‬،‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬54.5‭%‬‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الروسي،‭ ‬و14‭.‬7‭%‬‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الأوكراني،‭ ‬وبعدها‭ ‬تأتي‭ ‬‮«‬الجزائر‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬المغرب‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬يستورد‭ ‬‮«‬السودان‮»‬‭ ‬46‭%‬‭ ‬من‭ ‬احتياجاته‭ ‬من‭ ‬روسيا‭. ‬وتعتمد‭ ‬‮«‬تونس‮»‬‭ ‬على‭ ‬القمح‭ ‬الأوكراني‭ ‬بنسبة‭ ‬48‭%‬‭.‬

وفي‭ ‬اتجاه‭ ‬الحلول‭ ‬قامت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بتكثيف‭ ‬المشتريات‭ ‬المحلية‭ ‬لتضييق‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬العرض‭ ‬والطلب،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى،‭ ‬وبرزت‭ ‬مصادر‭ ‬كالهند،‭ ‬والصين،‭ ‬والأرجنتين،‭ ‬لكنها‭ ‬حلول‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مضمونة‭. ‬ويظل‭ ‬الحل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬سواء‭ ‬بتغيير‭ ‬السياسات‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الأولوية‭ ‬للسلع‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬أو‭ ‬تعزيز‭ ‬سياسة‭ ‬التعاون‭ ‬العربي،‭ ‬والتعاون‭ ‬الإفريقي،‭ ‬أخذًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬والمرونة‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬بما‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية،‭ ‬مع‭ ‬إعطاء‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬بزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬والتخزين‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وتأمين‭ ‬مصادر‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬مواطنيها‭.‬

وتأخذ‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بجدية،‭ ‬مسار‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي،‭ ‬الذي‭ ‬تعود‭ ‬مؤسساته‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬انعقاد‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‮»‬،‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬1977‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬المصرف‭ ‬العربي‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإفريقية‮»‬،‭ ‬نشأت‭ ‬مؤسسات‭: (‬‮«‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‮»‬،‭ ‬و«اللجنة‭ ‬الدائمة‭ ‬للتعاون‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‮»‬،‭ ‬و«لجنة‭ ‬تنسيق‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‮»‬،‭ ‬و«الصندوق‭ ‬العربي‭ ‬للمعونة‭ ‬الفنية‭ ‬للدول‭ ‬الإفريقية‮»‬،‭ ‬و‮«‬المعرض‭ ‬التجاري‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‮»‬،‭ ‬و«المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‭ ‬للثقافة‭ ‬والدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬و«وحدة‭ ‬تيسير‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة‭ ‬العربية‭ ‬الإفريقية‭ ‬للتنمية‭ ‬الزراعية‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‮»‬،‭ ‬و«الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬المشترك‭ ‬العربي‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتنمية‭ ‬الزراعية‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‮»‬‭).‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬ضخ‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬السعودي‮»‬،‭ ‬استثمارات‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬تقارب‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬بخلاف‭ ‬استثماراته‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬كما‭ ‬يشارك‭ ‬الصندوق‭ ‬مع‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬التنمية‭ ‬الفرنسية‮»‬،‭ ‬لتطوير‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي،‭ ‬بمبادرة‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭. ‬ويستهدف‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬استثمار‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬وقروض‭ ‬ومنح‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬إفريقية،‭ ‬كما‭ ‬أنشأت‭ ‬السعودية‭ ‬وزارة‭ ‬معنية‭ ‬بالشؤون‭ ‬الإفريقية‭.‬

وبالمثل،‭ ‬تستحوذ‭ ‬الشركات‭ ‬الإماراتية‭ ‬على‭ ‬88‭%‬‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فيما‭ ‬استضافت‭ ‬‮«‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬دبي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬“المنتدى‭ ‬الدولي‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتعاون‮»‬‭. ‬وبيّن‭ ‬تقريرها‭ ‬لدى‭ ‬الإعداد‭ ‬لهذا‭ ‬المنتدى‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬استثمارات‭ ‬الشركات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ (‬2016‭ ‬–‭ ‬2021‭)‬،‭ ‬بلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬مليار‭ ‬دولار؛‭ ‬88‭%‬‭ ‬منها‭ ‬استثمارات‭ ‬إماراتية،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬مع‭ ‬غنى‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬بالموارد‭ ‬الزراعية،‭ ‬‮«‬مفتاحًا‭ ‬استراتيجيًا‮»‬‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي،‭ ‬وتجنيب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عامة،‭ ‬والخليجية‭ ‬خاصة،‭ ‬صدمات‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬صدرتها‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تتواصل‭ ‬فصول‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بتعقيداتها‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬أثرت‭ ‬بصورة‭ ‬حادة‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬للتوقعات‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬النامية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬إساءة‭ ‬صانعي‭ ‬السياسات‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬تقدير‭ ‬عمق‭ ‬واتساع‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬ظلت‭ ‬ردود‭ ‬أفعالهم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولية‭.‬

وعليه،‭ ‬تحظى‭ ‬عملية‭ ‬استعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬تدفق‭ ‬الائتمان‭ ‬إلى‭ ‬طبيعته‭ ‬بأولوية‭ ‬قصوى،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬بقيت‭ ‬المخاوف‭ ‬السائدة‭ ‬من‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬عميق،‭ ‬فإن‭ ‬المستهلك‭ ‬والمستثمر‭ ‬سيظلان‭ ‬يفضلان‭ ‬تفادي‭ ‬المخاطرة‭

{ انتهى  }
bottom of page