top of page

9/3/2022

قراءة في التقرير الوطني لمملكة البحرين حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة

قبل أن يُسدل الستار على عام 2021، أصدرت مملكة البحرين -وبرغم جائحة كورونا- تقريرها الوطني حول التقدم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، تحت عنوان «التقدم المحرز في تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة»، والذي تضمن ثلاثة أبعاد بشأن الالتزامات التحويلية للتنمية الحضرية المستدامة؛ وهي «التنمية الحضرية المستدامة من أجل الإدماج الاجتماعي والقضاء على الفقر»، و«تحقيق الرخاء الحضري المستدام والشامل وتوفير الفرص للجميع»، و«البنية الحضرية المرنة والمستدامة بيئيًا».

 

ومن الثابت، أنّ هناك العديد من الوزارات والمجالس والهيئات والجهات الأخرى، التي تعاونت على إعداد التقرير، وشملت الوزارات: (شؤون مجلس الوزراء، الداخلية، الخارجية، المالية والاقتصاد الوطني، الإسكان، الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، المواصلات والاتصالات، العمل والتنمية الاجتماعية، الصناعة والتجارة والسياحة، الصحة، العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، التربية والتعليم، شؤون الشباب والرياضة). وشملت الهيئات: (هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، الكهرباء والماء، الطاقة المستدامة، النفط والغاز، التخطيط والتطوير العمراني، صندوق العمل «تمكين»). وشملت المجالس: (الأعلى للمرأة، التنمية الاقتصادية، الأعلى للبيئة، أمانة العاصمة، التعليم العالي). وشملت الجهات الأخرى: (جهاز الخدمة المدنية، جهاز المساحة والتسجيل العقاري، مركز البحرين للدراسات جامعة البحرين، بنك إبداع البحرين للتمويل متناهي الصغر، مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة بمملكة البحرين، مكتب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في دول مجلس التعاون الخليجي، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية). وعليه، فإن البيانات التي أوردها التقرير، هي بيانات رسمية حديثة مدققة، ذات مصداقية عالية، وتعد بذلك «مرجعًا موثوقًا»، لأي دراسات أو تقارير تتناول موضوعاته.

 

ومن المعلوم، أن مملكة البحرين كانت قد أدرجت في استراتيجياتها الوطنية، وبرامج عمل الحكومة، ذات الأهداف التي جاءت بها الأجندة الدولية. وتجسدت تلك البرامج أيضا في المشاريع التنموية والتطويرية الكبرى في جميع المجالات، ومن ثمّ، فإن هذا التقرير، يتعدى كونه تقريرا متعلقا بالتزامات البحرين الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، إلى كونه في نفس الوقت، تقرير متابعة حول تنفيذ برنامج عمل الحكومة.

 

وتصدر التقرير سبع رسائل رئيسية وهي:-

 

- إطلاق حزم مالية تجاوزت 4.5 مليارات دينار بحريني (11.9 مليار دولار)؛ لدعم الاقتصاد المحلي بمختلف مكوناته، كاستجابة لتداعيات جائحة كورونا.

 

- بلوغ نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الدولي على المستوى الحضري الوطني صفرًا.

 

- زيادة متوسط دخل الأسرة البحرينية، بمعدل 47% في الفترة (2008 – 2016).

 

- تحقيق مملكة البحرين المرتبة الـ42 من 189 دولة في سنة 2020، في دليل التنمية البشرية، وتصنيفها ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جدًا.

 

- تغطية شبكات المياه الصالحة للشرب، ونسبة السكان الموصلة لشبكة الصرف الصحي100%.

 

- وصول حجم البرامج والمبادرات والاستثمارات الحكومية، إلى أكثر من 3.3 مليارات دينار بحريني (أكثر من 8.7 مليارات دولار) في قطاع الإسكان.

 

- ازدياد نسبة مساهمة المرأة في القوى العاملة لتبلغ 42.8% عام 2020.

 

وبذلك، رصد التقرير ما حققته مملكة البحرين بعد ست سنوات من إطلاق أهداف التنمية المستدامة في 2015. وبرغم أن المملكة تعاني منذ منتصف عام 2014 من الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الممول الرئيسي للميزانية العامة، وبرغم جائحة كورونا، إلا أنها وضعت تنفيذ هذه الأهداف على رأس أولوياتها خاصة ما يتعلق بمجالات التنمية الحضرية المستدامة، حيث كان هناك العديد من المبادرات الوطنية في التخطيط لكل من الإسكان، والبنية التحتية، والأماكن المفتوحة، والنقل والمواصلات، واستهلاك الطاقة، وتدوير المخلفات. مع تأكيد التزاماتها بالاتفاقات الدولية، بشأن التغير المناخي، وتقليل المخاطر والكوارث، والتي تشكل مرجعية لتوجهاتها، نحو الازدهار الحضري، والشمول الاجتماعي، والاستدامة والمرونة.

 

وبرغم «عجز الموازنة»، و«ارتفاع المديونية»، و«برامج تحقيق الاستقرار المالي»؛ إلا أن المملكة وضعت «حقوق الإنسان»، كأولوية قصوى حين التصدي لجائحة كورونا، في الوقت الذي حرصت فيه على تقدم مسيرة التنمية المستدامة، من خلال عملية منتظمة، شملت سلسلة من الإجراءات والخطط والبرامج، شاركت في تنفيذها كل الأجهزة الرسمية بدعم من المجتمع المدني. وفي مقدمة هذه الأهداف؛ جعل المدن والمستوطنات البشرية، شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، أخذًا في الاعتبار صغر القطاع الزراعي البحريني، وأن سمة الحضر هي الغالبة.

 

ومع أن نسبة السكان في البحرين تحت خط الفقر الدولي تبلغ (1.9 دولار يوميًا) صفرا، إلا أن المملكة حرصت في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية منذ ثمانينيات القرن الماضي، والإصلاحات الاقتصادية منذ بداية الألفية الجديدة، ورؤية البحرين الاقتصادية 2030؛ على الحيلولة دون وقوع أي من سكانها دون هذا الخط، وحرصت على خفض نسبة محدودي الدخل إلى النصف بحلول عام 2030، فركزت على زيادة مشاركة كل سكانها في الفرص المتاحة، وزيادة هذه الفرص، وتعزيزها، ومن ثمّ، تحسين توزيع الدخل بين الفئات الاجتماعية المختلفة، وتحسين جودة حياتها ونوعية تلك الحياة.

 

 وفي إطار هذا الواقع، أثمرت هذه السياسات عن زيادة دخل الأسرة البحرينية، بمعدل 47% في الفترة من (2008–2016)، وارتفاع معدلات التوظيف المنتج، فضلاً عن رعاية أكثر فئات المجتمع حاجة، بتوفير مقومات الأمن الاجتماعي، عبر حزمة من نظم وتدابير الحماية الاجتماعية، وبرامج السكن، ومجانية التعليم والصحة والخدمات الأساسية، والتأمين ضد التعطل، وعلاوة الغلاء، ومبادرة التعويض مقابل رفع الدعم عن اللحوم، وتخفيض رسوم الكهرباء والماء، وعلاوة السكن وتقديم مخصصات لذوي الإعاقة، بما يضمن لذوي الدخل المحدود العيش الكريم، وطبقًا للتصنيفات الدولية -خاصة تصنيف البنك الدولي- تعد مملكة البحرين من الدول ذات الدخل المرتفع.

 

وحيث يعد «الفقر»، فقر قدرة أكثر منه فقر دخل، عملت الحكومة البحرينية على تمكين مواطنيها تعليميا، وصحيًا، وتكنولوجيا. وفي تقرير «الاتحاد الدولي للاتصالات»، عن الاتجاهات الرقمية في منطقة الدول العربية2021، تصدرت البحرين المرتبة الأولى عربيا من حيث توافر مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة، كنسبة مئوية من السكان. وعلى مستوى التعليم تم تحقيق مستويات عالية في إتاحة التعليم الجيد بكل مستوياته للجميع. وتبعًا لعدة مراجع عالمية من بينها «الإيكونوميست 2021»، حققت البحرين المرتبة الأولى عالميًا في تدريب المهارات الرقمية للإناث وتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ويعتبر مستوى البنية التحتية والمرافق العامة في مملكة البحرين عالي الجودة، وهي متاحة لجميع الفئات، ومنها مياه الشرب النقية الصالحة، وخدمات الصرف الصحي والكهرباء، والطرق المبنية بأحدث المواصفات، والخدمات الصحية عالية الجودة بشكل عام للجميع، ومن دون رسوم مالية حتى إنه تم اعتماد المنامة المدينة الصحية لعام 2021، من قبل «منظمة الصحة العالمية».

 

وفي استهداف «الحد من عدم المساواة»، فإنه بمقتضى التشريعات البحرينية -وعلى رأسها الدستور- فإن المملكة تكرس مبدأ المساواة، وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، حيث عملت هذه التشريعات على تعزيز الفرص وزيادتها وإثراء المنافع وتقاسمها بين جميع المواطنين، من دون أدنى تمييز على أساس عرقي أو ديني أو اجتماعي أو جنسي. وارتفعت نسبة إسهام المرأة في القوى العاملة، وتقلدت مختلف الوظائف، بما فيها القضائية والسياسية، ووظائف السلك الدبلوماسي، والوظائف التنفيذية والتخصصية في القطاعين العام والخاص، والمناصب الوزارية القيادية، فضلاً عن زيادة دورها في ريادة الأعمال. وبلغ نصيبها من إجمالي السجلات التجارية الفردية نحو 42% في 2020، وبلغت مساهمتها كعضو فاعل في المنظمات الأهلية 16%، ونسبة مشاركتها في مراكز اتخاذ القرار، كعضو في مجلس الإدارة 17% من مجموع أعضاء مجالس الإدارة.

 

ووفقا للاستراتيجية الوطنية للشباب عام 2005، ركزت الحكومة البحرينية على تلبية احتياجاته، وتوفير أنواع الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية له، حتى تمكنت المملكة، بحسب «تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2021»، من سد الفجوات بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم الثانوي والجامعي، وحققت المرتبة الأولى عربيًا في صحة الشباب ورفاهيتهم، وفق «تقرير الكومنولث». وتضمن برنامج عمل الحكومة (2019–2022)، عدة مبادرات داعمة للشباب، إضافة للتوجه إلى مشاريع وخطط توظيف مبتكرة، ودعم المشاريع متناهية الصغر.

 

وعلى مستوى كبار السن، جاءت «الاستراتيجية الوطنية للمسنين»، متضمنة خططا موسعة؛ لتنفيذ عدد من البرامج والأنشطة لإزالة الصعوبات، التي تواجه كبار السن، وتعيق إدماجهم في المجتمع. كما تهتم الحكومة أيضًا بتعليم وتأهيل وتشغيل ودمج ذوي الإعاقة البالغ عددهم في المملكة أكثر من 16 ألف مواطن، وفق خطط وبرامج واضحة، تبعًا لاحتياجات سوق العمل.

 

وفيما يخص «مجال الإسكان»، فإن المملكة تحرص على ضمان حصول كل مواطن على سكن كاف، لائق ميسور التكلفة، مزود بكل المرافق والخدمات في كل المحافظات. وتخضع عملية التشييد والبناء والإنشاء لقواعد ومعايير بناء عامة وتفصيلية صارمة. وجاءت سياسة توفير خدمات إسكانية ملائمة ومستدامة، كإحدى أهم محاور ومبادرات برنامج الحكومة (2019– 2022)، الذي تضمن العمل على توفير ما لا يقل عن 25 ألف وحدة سكنية جديدة على مدى أربع سنوات. وتتميز مملكة البحرين بعدم وجود أحياء فقيرة أو مناطق عشوائية، وتقوم بتأهيل المناطق القديمة في الأحياء التقليدية في المدن مع الحفاظ على طابعها المعماري التقليدي.

 

وبشأن «الوصول إلى الخدمات الأساسية»، فإن نسبة تغطية المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، وجمع النفايات البلدية الصلبة وإدارتها في مرافق خاضعة للرقابة، قد بلغت 100%. وعلى مستوى شبكة الطرق، تتميز البحرين، بشبكة عالية الجودة، وتوافر بنية تحتية متكاملة بين جميع أنظمة النقل عليها، وحركة مرورية آمنة وشبكة كهرباء عالية الجودة، تغطي منشآتها احتياجات الكهرباء في أرجاء البلاد. وتعمل الحكومة على خطتين وطنيتين؛ الأولى، تستهدف رفع كفاءة الاستخدام والاستهلاك الكلي للطاقة، والثانية، زيادة نسبة مصادر الطاقة المتجددة من المزيج الكلي للطاقة النظيفة والمتجددة.

 

وبخصوص «التغير المناخي»، فإن الحكومة البحرينية تعاملت منذ وقت مبكر مع هذه الظاهرة، منذ قرار التقييم البيئي للمشاريع في 1998، والمقاييس والمعايير البيئية في 1999، ما كان له أكبر الأثر في تقليل الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة الصناعية القديمة، وتحفيز القطاعين العام والخاص للاستثمارات في التقنيات الخضراء الصديقة للبيئة، كما جاءت قضايا الحفاظ على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي، كقضايا جوهرية في «رؤية البحرين الاقتصادية 2030».

 

وطبقًا لبرامج الاستقرار المالي، فقد عملت الحكومة على تحسين مستوى المعيشة عن طريق تخفيض التكاليف الحكومية. وسايرت استراتيجية2020، لبرنامج الحكومة الإلكترونية، هذا التوجه في تبني التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات الحكومية، وتشجيع الانتقال إلى خدمات الحوسبة السحابية، وتعزيز الأمن السيبراني، والتحول إلى الخدمات الإلكترونية، وتوفير المعلومات المكانية وحوكمتها.

 

على العموم، فإنه في الوقت الذي يغطي فيه التقرير، بشكل تفصيلي، ما حدث من إنجازات على مستوى تحقيق الأهداف الفرعية لكل أهداف الخطة الحضرية الجديدة، ضمن أهداف التنمية المستدامة، موضحًا لكل هدف مؤشراته، والتشريعات والأرقام الدالة على مدى الإنجاز؛ فإنه يعد «خطوة تمهيدية»، أساسية لتقييم برنامج عمل الحكومة (2019–2022)، ومن ثمّ، التوجه إلى البرنامج الجديد، الذي تتقدم به للمؤسسة التشريعية.

{ انتهى  }
bottom of page