top of page

2/2/2022

خيارات «واشنطن» للرد على هجوم الحوثيين على الإمارات

في 17 يناير 2022، قامت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة إيرانيا، بسلسلة من الضربات بطائرات بدون طيار على قافلة من شاحنات نقل الوقود وموقع بناء في مطار أبوظبي بالإمارات، وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة ستة آخرين. وفي 24 يناير، اعترضت الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة، صاروخين باليستيين، استهدفا قاعدة الظفرة الجوية في أبو ظبي أيضًا. وبحسب منى النجار، وإريك شميت، في صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذه الهجمات مثلت تصعيدًا حادًا للتوترات في منطقة الخليج، في حين أكد محمد حاتم، ودانا خريش، وزينب فتاح، في وكالة بلومبرج، أن مثل هذه الهجمات تُزيد المخاطر الأمنية في منطقة الخليج في ظل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد الإقليمي.

 

وفي أعقاب هذه الهجمات، وجد الرئيس الأمريكي، بايدن، نفسه تحت ضغط كبير لتعديل الموقف الأمريكي في المنطقة لمراعاة السلوك العدواني المتزايد للحوثيين، فضلاً عن الجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى المدعومة من إيران. ومن المعلوم، أن قرار الرئيس الأمريكي بإزالة هذه الجماعة من تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية في بداية رئاسته كان لأسباب إنسانية، وفي الوقت الراهن، هناك مطالبات بإعادة تصنيفها منظمة إرهابية، كما أن عدوانها الأخير أدى إلى إثارة الجدل بشأن احتواء إيران ووكلائها، حيث دعا عدد من المحللين الغربيين، بايدن، إلى تشديد موقفه إزاءها لمنع أي تصعيد إضافي في الشرق الأوسط، وطمأنة حلفاء واشنطن الخليجيين، بأنها ملتزمة بمواجهة التهديد الحالي الذي تشكله هجمات الحوثيين.

 

وبهذا الصدد، قال ويليام ويشسلر، من المجلس الأطلسي، في مقال بعنوان كيف يمكن لإدارة بايدن طمأنة حلفائها الإقليميين في أعقاب هجمات الحوثيين على الإمارات، إن الرئيس الأمريكي على حق في إعادة النظر في قراره السابق، بسحب تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، لكنه لن يكون قرارًا سهلاً، بالنظر إلى التداعيات الإنسانية المحتملة، وكانت إدارة ترامب أيضًا منقسمة بشأن المعضلة نفسها سنوات، قبل إعطائها الضوء الأخضر لمثل هذه الخطوة.

 

وعليه، يجب النظر في كيفية تأثير إعادة التصنيف على جهود واشنطن لإنهاء الصراع اليمني. ووفقًا لـ جوناثان لانداي، في رويترز، فقد بدأ المبعوث الخاص لواشنطن إلى اليمن، تيم ليندركينغ، مهمة جديدة في الخليج تتمثل في محاولة تنشيط عملية السلام. وفي اجتماعه مع أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لـرئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، تحدث ليندركينغ، عن الحاجة إلى خفض عاجل للتصعيد في المنطقة، وخاصة أن هناك مخاوف داخل إدارة بايدن من أن إعادة تصنيف الحوثيين ستؤثر على احتمالية التوصل إلى اتفاق نووي إيراني.

 

وأشار ويشسلر، إلى أنه عندما ألغى بايدن، تصنيف الولايات المتحدة للمجموعة المتمردة، كان ذلك متزامنًا مع انطلاق جهود دبلوماسية أمريكية ضرورية لضمان توفير المساعدات الإنسانية الحيوية. وفي حين حذر من أنه لا ينبغي استبعاد المخاوف بشأن وضع المنظمات الإنسانية العاملة في البلد المنكوبة بالنزاع، فقد ارتأى، أن إدارة بايدن ستكون قادرة على التفكير بدقة في التخفيف من آثار تلك المخاطر مع استثناءات واضحة لنظام العقوبات الأمريكي بدون التخلي عن عملية تصنيفهم على قوائم الإرهاب، موضحا كذلك أنه من الواضح أن الحوثيين هم العقبة الأساسية أمام السلام في اليمن، وأن عدم تصنيفهم على قوائم الإرهاب لم يدفعهم في النهاية إلى إجراء مفاوضات بـ«حسن نية».

 

وإلى جانب الإحباط من التقدم الحالي للجهود الدبلوماسية، أصر وشسلر، على أنه يجب أيضًا النظر في قرار إعادة إدراجهم على قوائم الإرهاب في سياق الإرهاصات السائدة بشأن الانسحاب الأمريكي، موضحا أن هذه الديناميكية يمكن أن تحفز بايدن للعمل ضد مجموعة تعمل ضد المصالح واشنطن الأساسية المتعددة في المنطقة، ويمكن للجماعة -وفي ظل غياب أمريكي حتى الآن- أن تمهد الطريق أمام مواجهة إقليمية من خلال استمرار الهجمات الصاروخية والطائرات المُسيرة عبر الخليج.

 

علاوة على ذلك، ونظرًا إلى دور الحوثيين وقيامهم بدور وكيل إيران في الشرق الأوسط، فقد لوحظ أن نطاق خيارات السياسة الأمريكية لا يقتصر على الجماعة نفسها. ووصفت كاثرين زيمرمان، من معهد أمريكان إنتربرايز، ونيكولاس هيراس، من معهد نيو لاينز، محور المقاومة الذي تقوده إيران، بأنه تحالف غير رسمي بين الجهات الفاعلة الحكومية، وغير الحكومية في المنطقة، فضلًا عن أن قوات الحرس الثوري الإيراني، قد شرعت في ممارسة ضغط عسكري استراتيجي ثابت من خلال الحوثيين في جميع أرجاء شبه الجزيرة العربية، كجزء من مواجهتهم مع دول الخليج. ووفقًا لـ«زايس»، فإن هجمات الحوثيين الأخيرة ضد الإمارات هي امتداد مباشر لما تقوم به إيران، وعلى هذا النحو، فإن الولايات المتحدة وشركاءها لن يكونوا قادرين إلا على التصدي بفعالية للهجمات الإرهابية التي يشنها الحوثيون؛ عندما يحاسبون طهران أيضًا على كل إرهابها الإقليمي.

 

وفي مقال تحليلي لـ«معهد الشرق الأوسط»، في يناير 2022، علق كيفن دونيغان، وميك مولروي، بأن الرد الفعال يجب أن يشمل الضربات الأمريكية ضد الوكلاء الإيرانيين، والإصرار على أن واشنطن وحلفاءها لهم كل الحق في الدفاع عن أنفسهم، ومصالحهم الأمنية الجماعية. ومع ذلك، فقد اعتبروا أيضًا أن مثل هذه الإجراءات في حد ذاتها ستكون غير كافية لردع إيران، وأنه يجب على أمريكا، بدلاً من ذلك إعادة إطلاق الردع الفعال من خلال إيصال رسالة بالخطوط الحمراء بوضوح إليها لتكون أداة في خدمة استراتيجية أوسع نطاقًا.

 

ومع ذلك، يجب أيضًا النظر في أن أي تغييرات محتملة في سياسة إدارة بايدن الراهنة تجاه إيران، مرتبطة بالأساس بمسار محادثات إحياء الاتفاق النووي في فيينا. ومع استمرار الجهود المبذولة لإعادة إيران إلى هذا الاتفاق مجددًا، من المرجح أن يكون المسؤولون الأمريكيون حذرين من اتخاذ إجراءات مهمة ضدها في الوقت الراهن، خوفًا من تعريض هذه المحادثات للفشل.

 

على العموم، لا شك أن إدارة بايدن في أعقاب هجمات الحوثيين على الإمارات، ستنظر في مجموعة من الخيارات السياسية المختلفة، بما في ذلك إعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية. وفي ضوء أن الأعمال العدائية للحوثيين قد تصاعدت وتيرتها منذ إلغاء هذا التصنيف، فإن هناك توجه حول اتخاذ هذه الخطوة مجددًا. فضلا عن أن هجمات الحوثيين أثارت جدلاً واسعًا حول مدى جدوى جهود واشنطن للحد من الأنشطة الإرهابية التي يتبناها وكلاء إيران في الشرق الأوسط، ما دعا واشنطن إلى تبني المزيد من التدابير الصارمة لاحتواء جهود الانتشار الإيرانية والمتعلقة بحروب الوكالة التي تخوضها الأخيرة في المنطقة.

 

ومع ذلك، لم تكن هناك حتى الآن أي مؤشرات واضحة على أن إدارة بايدن ستجري أي تعديلات سياسية بالغة الأهمية في موقفها حيال إيران، طالما تظل المحادثات النووية في فيينا جارية بالوقت الراهن.

{ انتهى  }
bottom of page