top of page

31/8/2021

قراءة في نتائج قمة مجموعة السبع حول الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

اشتد‭ ‬الخلاف‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ - ‬إثر‭ ‬خسارة‭ ‬أفغانستان‭ ‬لصالح‭ ‬طالبان‭ - ‬بعد‭ ‬اجتماع‭ ‬غير‭ ‬حاسم‭ ‬لمجموعة‭ ‬السبع،‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬أغسطس2021،‭ ‬حيث‭ ‬فشل‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيون‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بتمديد‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬لعمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬من‭ ‬مطار‭ ‬كابول،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الموعد‭ ‬المخطط‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أغسطس‭ ‬2021،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭. ‬

وخلال‭ ‬الاجتماع،‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬بشدة‭ ‬المناشدات‭ ‬الفرنسية،‭ ‬والألمانية،‭ ‬والبريطانية،‭ ‬للقوات‭ ‬الغربية‭ ‬بالبقاء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬كابول‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة‭ ‬لإجلاء‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭. ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬كلما‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬الانتهاء‭ ‬مبكرًا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬أفضل‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬كان‭ ‬الاتفاق‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬عقدته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬طالبان‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬تتوقع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬قبل‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وسط‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

ويعد‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للانقسام‭ ‬هو‭ ‬اختلاف‭ ‬الأولويات‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإجلاء‭ ‬المدنيين‭ ‬الغربيين‭ ‬والأفغان‭ ‬من‭ ‬البلاد‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تعهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬بمواصلة‭ ‬إجلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬كابول‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬لحظة‭ ‬ممكنة‮»‬،‭ ‬أكدت‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬‮«‬أنجيلا‭ ‬ميركل‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬موحد‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬أعرب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسي،‭ ‬‮«‬جان‭ ‬إيف‭ ‬لودريان‮»‬‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬قلقه‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬الموعد‭ ‬النهائي‮»‬‭ ‬لعمليات‭ ‬الإجلاء،‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬مُصرًا‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الإجلاء‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أغسطس،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬جميع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والحلفاء‭ ‬الأفغان‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬انقسام‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬كابول‭ ‬بعد‭ ‬31‭ ‬أغسطس‭. ‬وعلقت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬إندبندنت‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬وضع‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬إلى‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬الذين‭ ‬استبعدهم‭ ‬انسحاب‭ ‬أمريكا‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬شعر‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭ ‬من‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬للاجتماع‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬باتريك‭ ‬وينتور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‭ ‬استغرق‭ ‬سبع‭ ‬دقائق‭ ‬فقط‭ ‬ليزيد‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إخبارهم‭ ‬بحزم‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يمدد‭ ‬الموعد‭ ‬النهائي‭ ‬لبقاء‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬كابول‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حديثه‭ ‬بعد‭ ‬قمة‭ ‬السبع،‭ ‬رحب‭ ‬بايدن‭ ‬بـ«تضامن‭ ‬زعماء‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبيين‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يقرر‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬خططه‭ ‬للانسحاب،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬مصممًا‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬إكمال‭ ‬مهمة‭ ‬القوات‮»‬‭. ‬كما‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ملتزمة‭ ‬بإجراء‭ ‬عمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬حتى‭ ‬الموعد‭ ‬النهائي‭ ‬الخاص‭ ‬بها،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬قامت‭ ‬بالفعل‭ ‬بإجلاء‭ ‬‮«‬70700‭ ‬شخص‭ ‬منذ‭ ‬14‭ ‬أغسطس‭ ‬فقط،‭ ‬و75900‭ ‬شخص‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬يوليو‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬غادرت‭ ‬كابول‭ ‬19‭ ‬رحلة‭ ‬جوية‭ ‬عسكرية‭ ‬أمريكية‭ ‬أخرى،‭ ‬و18‭ ‬طائرة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬سي‭-‬17،‭ ‬وطائرة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬سي‭-‬130‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬6400‭ ‬شخص‭ ‬تم‭ ‬إجلاؤهم‭ ‬و31‭ ‬رحلة‭ ‬طيران‭ ‬للتحالف‭ ‬تحمل‭ ‬5600‭ ‬شخص‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬مناقشة‭ ‬كيف‭ ‬سيؤثر‭ ‬الانسحاب‭ ‬العسكري‭ ‬بالضبط‭ ‬على‭ ‬أعداد‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬إجلاؤهم‭ ‬من‭ ‬المطار‭. ‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬نيك‭ ‬آلين‮»‬‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التلغراف‮»‬،‭ ‬رفض‭ ‬بايدن‭ ‬تغيير‭ ‬خططه‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المخاوف‭ ‬الأوروبية‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬إهانة‭ ‬لحلفائه‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬اتخذ‭ ‬الرئيس‭ ‬بالفعل‭ ‬قراره‭ ‬مسبقًا‭ ‬بعدم‭ ‬تمديد‭ ‬الموعد‭ ‬النهائي‭ ‬للإخلاء‮»‬‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬‮«‬غير‭ ‬متحمس‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬بشأن‭ ‬عقد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬بايدن‭ ‬الاقتراحات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬اعتبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬‮«‬الأنجلو‭-‬أوروبي‮»‬،‭ ‬مؤشرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬فقدت‭ ‬نفوذها‭ ‬الدولي‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬قرارات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬واعتبرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإخفاق‮»‬‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬بايدن‭ ‬بتمديد‭ ‬الموعد‭ ‬النهائي‭ ‬لسحب‭ ‬جميع‭ ‬القوات‭ ‬‮«‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬على‮»‬‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬بريطانيا‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬أقرب‭ ‬شريك‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬كاثرين‭ ‬فيلب‮»‬‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فقط‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لحشد‭ ‬الحلفاء‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬حاسمة‭ ‬لمستقبل‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي‮»‬‭. ‬

وكجزء‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬علقت‭ ‬‮«‬إستر‭ ‬ويبر‮»‬‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬القمة‭ ‬أن‭ ‬دعوة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬لتمديد‭ ‬الموعد‭ ‬النهائي‭ ‬كانت‭ ‬دعوة‭ ‬يائسة‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬وينتور‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬بايدن‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬صدمة‭ ‬لمكانة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬و«لحظة‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬رصينة‮»‬‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬ما‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬تمارسه‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬فعليًا‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دبلوماسيًا‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬وصف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬حاول‭ ‬التظاهر‭ ‬بالرضا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬بايدن‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬مع‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الشرط‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬نصر‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬الممر‭ ‬الآمن‭ ‬بعد‭ ‬الحادي‭ ‬والثلاثين‭ ‬من‭ ‬أغسطس،‭ ‬لكن‭ ‬بدون‭ ‬وجود‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدعم‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬بريطانيا‭ ‬وحدها‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬بعدم‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬اتُهمت‭ ‬الأخيرة‭ ‬أيضًا‭ ‬بتجاهل‭ ‬انتقادات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬من‭ ‬ضرورة‭ ‬ظهور‭ ‬‮«‬المسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬بيان‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ولم‭ ‬ترد‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬البيان‭ ‬الأمريكي‭. ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬قضية‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬بسيطة،‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬أعمق‭ ‬لإقناع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بوجود‭ ‬جبهة‭ ‬موحدة‭ ‬وراء‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإحراج‭ ‬البسيط‭ ‬يشكل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬كارثة‭ ‬غربية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭.‬

ووفقا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المحللين،‭ ‬فإن‭ ‬الإجراءات‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تقوض‭ ‬الرسالة‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بشأن‭ ‬زيادة‭ ‬التعاون‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية‭. ‬وكتبت‭ ‬‮«‬تيريز‭ ‬رافائيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبرج‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإحباط‭ ‬والارتباك‭ ‬بشأن‭ ‬أهداف‭ ‬أمريكا‭ ‬كانا‭ ‬سمة‭ ‬مشتركة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬توقعه‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬عادت‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬تقييم‭ ‬آخر،‭ ‬خلصت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬أنه،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التصرف‭ ‬كقائد‭ ‬للتحالف،‭ ‬‮«‬تقوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بالتصرف‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬محللون‭ ‬آخرون‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬تمامًا‭ ‬بفكرة‭ ‬قمة‭ ‬السبع‭ ‬نفسها،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها؛‭ ‬نتيجة‭ ‬الخلاف‭ ‬العام،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬ما‭ ‬خرج‭ ‬عنها‭ ‬مُحددا‭ ‬مسبقًا‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬جون‭ ‬رينتول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬الاجتماع،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬مناقشة‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تبرير‭ ‬أوجه‭ ‬الفشل‮»‬،‭ ‬موضحًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬أن‭ ‬طالبان‭ ‬ستلتزم‭ ‬بما‭ ‬أسمته‭ ‬المجموعة،‭ ‬بعدم‭ ‬تجاوز‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تحديدها‮»‬،‭ ‬‮«‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬القمة،‭ ‬تبرير‭ ‬حجم‭ ‬الفشل‭ ‬الذي‭ ‬اعترى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أثناء‭ ‬تواجدها‭ ‬وانسحابها‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬أمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬كتبت‭ ‬‮«‬ويبر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القرارات‭ ‬اتخذت‭ ‬مسبقًا‭ ‬بالفعل‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬أفغانستان‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬القمة،‭ ‬وكان‭ ‬بإمكان‭ ‬جميع‭ ‬قادة‭ ‬السبع‭ ‬تحديد‭ ‬عدة‭ ‬شروط‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬طالبان‭ ‬وكانت‭ ‬الحركة‭ ‬ستلتزم‭ ‬بها‮»‬،‭ ‬وليس‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بعرض‭ ‬خطط‭ ‬ملموسة‭ ‬لإخلاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬البلاد‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬الجدل‭ ‬السياسي‭ ‬الحالي،‭ ‬علق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬البريطانيين‭ ‬على‭ ‬الانقسامات‭ ‬التي‭ ‬بدت‭ ‬عليها‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي،‭ ‬والتي‭ ‬ظهرت‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭. ‬ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬توبياس‭ ‬إلوود‮»‬،‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬لديه‭ ‬‮«‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬التعاون‭ ‬والتوافق‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يفتقدها‭ ‬وعليه‭ ‬استعادتها‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‮»‬‭. ‬وعلقت‭ ‬‮«‬ليزا‭ ‬ناندي‮»‬،‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الظل،‭ ‬حول‭ ‬فشل‭ ‬جونسون‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬بايدن،‭ ‬بأن‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬سيظل‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬حالكة‭ ‬السواد‭ ‬لحكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭. ‬وصرح‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬‮«‬توم‭ ‬توجندهات‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬من‭ ‬الغريب‮»‬‭ ‬فشل‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬توافق‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬بشأن‭ ‬معالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬حتمية‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬الشركاء‭ ‬الإقليميين‭ ‬الآخرين‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬لديهم‭ ‬مصالح‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬مجموعة‭ ‬السبعة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬عناصر‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬لتلك‭ ‬المنطقة‭ ‬تحديدًا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬إخفاقات‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬جماعية‭ ‬تجاه‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬ظهرت‭ ‬تعاملات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وراء‭ ‬الكواليس‭ ‬بين‭ ‬واشنطن،‭ ‬وطالبان‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬جون‭ ‬رينتول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬مؤتمر‭ ‬قمة‭ ‬السبع‭ ‬‮«‬كان‭ ‬اجتماع‭ ‬القمة‭ ‬الحقيقي‭ ‬قد‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬شخصيًا‭ ‬وسرًا،‭ ‬في‭ ‬كابول،‭ ‬بين‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‮ ‬الاستخبارات المركزية الأمريكية،‮ ‬وليام‭ ‬بيرنز،‭ ‬مع‭ ‬زعيم‭ ‬طالبان،‮ ‬الملا‭ ‬برادار‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومسلحي‭ ‬طالبان‭ ‬منذ‭ ‬دخولهم‭ ‬كابول‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬أغسطس‭ ‬الجاري‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هدسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المناقشات‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الحلفاء‭ ‬لإبقاء‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناقشات‭ ‬‮«‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬تضمنت‭ ‬موعدًا‭ ‬وشيكًا‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أغسطس،‭ ‬لكي‭ ‬ينهي‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬عملية‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬للإخلاء‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناقشات‭ ‬تبرهن‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ضعف‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬وافتقادها‭ ‬للقوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬رعاياها‭ ‬بالوجه‭ ‬الأمثل‭.‬

ومع‭ ‬وضع‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬أشارت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشيتد‭ ‬برس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الاجتماع‭ ‬الاستثنائي‮»‬،‭ ‬عكس‭ ‬‮«‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬الأزمة‮»‬،‭ ‬و«حاجة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنسيق‭ ‬مع‭ ‬جماعة‭ ‬طالبان‭ ‬التي‭ ‬اتهمتها‭ ‬بارتكاب‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لاقت‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬تمتلك‭ ‬‮«‬نفوذًا‭ ‬هائلًا‮»‬‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬واقتصاديًا‭ ‬لتغيير‭ ‬تصرفات‭ ‬طالبان‭ ‬للإيجاب،‭ ‬انتقادًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬رولاند‭ ‬أوليفانت‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التليجراف‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحقيقة‭ ‬القاسية‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حقًا‭ ‬أي‭ ‬نفوذ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الوجود‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وطريقة‭ ‬انسحابه‭ ‬المخزية‭ ‬والمستمرة‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬ترك‭ ‬رفض‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتعديلات‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬توترا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وواشنطن،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيستمر‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬انتخاب‭ ‬بايدن‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬فرصة‭ ‬لمشاهدة‭ ‬ملامح‭ ‬تحسن‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬خرج‭ ‬‮«‬تشارلز‭ ‬ميشيل‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬ليعلن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬‮«‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬تحالفنا‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬ورفض‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأحادية‭ ‬الجانب‭ ‬لواشنطن‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‮»‬‭.‬

‮ ‬وعند‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬سيطرة‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وانخراط‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬حوارها‭ ‬مع‭ ‬مسلحي‭ ‬طالبان،‭ ‬يمكن‭ ‬الجزم‭ ‬أن‭ ‬النطاق‭ ‬المستقبلي‭ ‬للتأثير‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬تصرفات‭ ‬طالبان‭ ‬وضبطها‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬موضع‭ ‬تساؤل‭ ‬وشك‭ ‬كبيرين‭. ‬وكما‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬وينتور‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬فشل‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬‮«‬يترك‭ ‬السؤال‭ ‬مفتوحًا‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الغرب‭ ‬بطريقة‭ ‬ما‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬السلام‭ ‬لأفغانستان‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬طالبان‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تشكيلها‭ ‬بعد؟‮»‬‭. ‬

{ انتهى  }
bottom of page