top of page

11/8/2021

اتجاهات أسعار النفط في ضوء التطورات العالمية

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الانتعاش‭ ‬الثابت‭ ‬شبه‭ ‬المستمر‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬بعد‭ ‬الانخفاض‭ ‬الذي‭ ‬أصابها‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬وصيف‭ ‬2020،‭ ‬عندما‭ ‬انخفضت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الكبرى،‭ ‬فإن‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬العالمي‭ ‬والجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‭ ‬تعني‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التعافي‭ ‬للقطاعات‭ ‬بصورة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الوباء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عملية‭ ‬سهلة‭.‬

آخر‭ ‬ضربة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬لعدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬وواردات‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬هو‭ ‬الانتشار‭ ‬المتزايد‭ ‬لمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬شديد‭ ‬العدوى‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصادين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬هجمات‭ ‬عنيفة‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية،‭ ‬مع‭ ‬ارتباط‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬بقوة‭ ‬بإيران‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الظل‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬

وكانت‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬لهذه‭ ‬الأحداث‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الانخفاض‭ ‬التدريجي‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬ففي‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬الموافق‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أغسطس،‭ ‬انخفض‭ ‬خام‭ ‬غرب‭ ‬تكساس‭ ‬الوسيط‭ -‬وهو‭ ‬الخام‭ ‬القياسي‭ ‬للنفط‭ ‬الأمريكي‭- ‬بنسبة‭ ‬3‭.‬43‭%‬‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬71‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انخفض‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ -‬المعيار‭ ‬الدولي‭- ‬بنسبة‭ ‬3‭.‬12‭%‬‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬73‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭.‬

ولتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬على‭ ‬انتعاش‭ ‬أسعار‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬كتب‭ ‬سيمون‭ ‬هندرسون،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لشؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬وهو‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬أمريكية‭ ‬مقرها‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة،‭ ‬مقالاً‭ ‬في‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬هيل‮»‬‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬الأسوأ‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ - ‬إيران‭ ‬المولعة‭ ‬بالحروب‭ ‬أم‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا؟‮»‬‭.‬

في‭ ‬بداية‭ ‬التحليل‭ ‬تساءل‭ ‬هندرسون‭: ‬‮«‬ما‭ ‬قدر‭ ‬الأخبار‭ ‬السيئة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتغيير‭ ‬أسعار‭ ‬النفط؟‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬ميرسر‭ ‬ستريت‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬لانخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬آسيا‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬2‭ ‬أغسطس‭ ‬2021،‭ ‬ولكن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬كان‭ ‬‮«‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‮»‬‭. ‬

وقد‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬سكوت‭ ‬ديسافينو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬أن‭ ‬تفشي‭ ‬المرض‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬مستهلكين‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬‮«‬يصارعون‭ ‬الانتشار‭ ‬السريع‭ ‬لمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬الشديد‭ ‬العدوى‮»‬،‭ ‬وبشكل‭ ‬متوقع‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬الإصابات‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انخفاض‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭.‬

ووصف‭ ‬‮«‬جو‭ ‬ماكدونالد‮»‬‭ ‬و«هويشونج‭ ‬وو‮»‬‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشييتد‭ ‬برس‭ ‬هذا‭ ‬الانتشار‭ ‬للفيروس‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬الأخطر‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬منذ‭ ‬ذروة‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬ووهان‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المتحور‭ ‬‮«‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬مقاطعة‭ ‬على‭ ‬الأقل‮»‬‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لـ‮«‬فنسنت‭ ‬ني‮»‬‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬الصينية‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬تسجيل‭ ‬96‭ ‬حالة‭ ‬فقط،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬جددت‭ ‬الحكومة‭ ‬الشيوعية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أيضًا‭ ‬إجراءاتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بمنع‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬ذات‭ ‬معدلات‭ ‬الإصابة‭ ‬المرتفعة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تطبيق‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬التسامح‮»‬‭ ‬مطلقًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحجر‭ ‬الصحي‭. ‬

وقد‭ ‬انعكست‭ ‬بالفعل‭ ‬زيادة‭ ‬الإصابات‭ ‬على‭ ‬الناتج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصيني،‭ ‬حيث‭ ‬تشهد‭ ‬البلاد‭ ‬أضعف‭ ‬توسع‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬خلال‭ ‬15‭ ‬شهرًا،‭ ‬يعد‭ ‬انخفاض‭ ‬الناتج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإغلاق‭ ‬الفعلي‭ ‬لمدن‭ ‬بأكملها‭ ‬إشارات‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬انخفاض‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬والأشهر‭ ‬القادمة،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬الطلب‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬السابق‭ ‬للتوسع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المستمر‭.‬

وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضًا‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬مشابهًا‭ ‬في‭ ‬الإصابات‭ ‬بمتحور‭ ‬دلتا،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفع‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الإصابات‭ ‬المؤكدة‭ ‬بنسبة‭ ‬266‭%‬‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬وحدها،‭ ‬إذ‭ ‬يتم‭ ‬الآن‭ ‬تسجيل‭ ‬نحو‭ ‬85‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬يوميا؛‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬إغلاقات‭ ‬جديدة‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬صرامة‭ ‬إجراءات‭ ‬الحكومة‭ ‬الصينية‭. ‬وقد‭ ‬رفض‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬رفع‭ ‬قيود‭ ‬السفر‭ ‬من‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخرى‭ ‬المتأثرة‭ ‬بشدة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬بسبب‭ ‬مخاطر‭ ‬تسريع‭ ‬انتشار‭ ‬متحور‭ ‬كورونا‭ ‬الشديد‭ ‬العدوى‭.‬

وتوافقًا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬أرجع‭ ‬‮«‬ديسافينو‮»‬‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬الأيام‭ ‬الثلاثة‭ ‬المتتالية‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التراكم‭ ‬المفاجئ‭ ‬في‭ ‬مخزونات‭ ‬الخام‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتقارير‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأمريكي‭ ‬السلبية،‭ ‬والمخاوف‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬انتشار‭ ‬متحور‭ ‬دلتا‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية»؛‭ ‬ففي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أفادت‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ (‬Energy‭ ‬Information‭ ‬Administration‭) ‬بأن‭ ‬مخزونات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬ارتفعت‭ ‬بمقدار‭ ‬3‭.‬6‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬فقط،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬الفوري‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإمدادات‭.‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬نفسه،‭ ‬اتفقت‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬جيجر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أويل‭ ‬برايس،‭ ‬مع‭ ‬الرأي‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬الانتشار‭ ‬المتزايد‭ ‬لمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الأسعار؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المستورد‭ ‬الكبير‭ ‬سيُشعر‭ ‬به‭ ‬حتمًا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‮»‬‭. ‬وتابعت‭ ‬‮«‬جيجر‮»‬‭ ‬أن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإغلاقات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬الصارمة‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬‮«‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬التعافي‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬متحور‭ ‬دلتا‭ ‬ليست‭ ‬جديدة؛‭ ‬ففي‭ ‬أواخر‭ ‬يوليو‭ ‬2021،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬إدوارد‭ ‬مويا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬محلل‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬أواندا‭ ‬للصرف‭ ‬الأجنبي‭ (‬OANDA‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التقلبات‭ ‬الحادثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مرتفعة؛‭ ‬حيث‭ ‬يصارع‭ ‬التجار‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬بسبب‭ ‬المخاوف‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬والتوقعات‭ ‬باستمرار‭ ‬نقص‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬العام‮»‬‭. ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النفط‭ ‬سيحاول‭ ‬جاهدًا‭ ‬تعويض‭ ‬كل‭ ‬خسائره‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬القيود‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وأستراليا‭ ‬وأوروبا‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الصلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬الارتفاع‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الإصابات‭ ‬بمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬وانخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬الشحن‭ ‬الدولي‭ ‬لم‭ ‬أو‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الإقليمية‭ ‬أو‭ ‬العالمية؛‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جاسون‭ ‬جيورتز‮»‬‭ ‬و«باتي‭ ‬دوم‮»‬‭ ‬من‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أشارا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحادث‭ ‬لم‭ ‬يحرك‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬بعد‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هيليما‭ ‬كروفت،‭ ‬رئيسة‭ ‬استراتيجية‭ ‬السلع‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬كندا‭ ‬الملكي،‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬رأينا‭ ‬إشارات‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬أو‭ ‬التوصيل‭ ‬فسوف‭ ‬يتحرك‭ ‬السوق‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬مازالت‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحًا‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بصراعات‭ ‬أكبر‭ ‬مستوردي‭ ‬النفط‭ ‬قد‭ ‬طغت‭ ‬على‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وبالفعل،‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬ديسافينو‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التوترات‭ ‬في‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أعطت‭ ‬بعض‭ ‬الدعم‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬جيجر‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬مماثل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬السلبية‮»‬‭ ‬الأخيرة‭ ‬جاءت‭ ‬‮«‬رغم‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬هندرسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬التحليلي،‭ ‬أن‭ ‬حادثًا‭ ‬مشابهًا‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬ناقلة‭ ‬ميرسر‭ ‬ستريت‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عُمان‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬تأثيرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬الأسواق‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الانتشار‭ ‬العالمي‭ ‬لمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬تتسم‭ ‬بالهدوء‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اتفق‭ ‬‮«‬هندرسون‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يشغل‭ ‬نفسه‭ ‬بهوس‭ ‬التصريحات،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أفعال‭ ‬بعد‮»‬‭. ‬

في‭ ‬الواقع‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يقترن‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬بـ«الاختطاف‭ ‬المحتمل‮»‬‭ ‬الأخير‭ ‬لناقلة‭ ‬أخرى‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نمطًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الشحن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬وكلما‭ ‬زاد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬تعالت‭ ‬التحذيرات‭ ‬من‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

وأشار‭ ‬هندرسون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬المثير‭ ‬للقلق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬هو‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬حسابات‮»‬‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬ولندن؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬استطاعت‭ ‬طائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬أو‭ ‬شيء‭ ‬مشابه‭ ‬الاصطدام‭ ‬بناقلة‭ ‬نفط،‭ ‬فإنها‭ ‬تستطيع‭ ‬أيضًا‭ ‬إصابة‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‮»‬‭.‬

رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬سابقة‭ ‬الذكر‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬والهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تظل‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬ككل‭ ‬قد‭ ‬تعافت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مستوياتها‭ ‬المنخفضة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020؛‭ ‬فقد‭ ‬نقلت‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬عن‭ ‬محللين‭ ‬من‭ ‬جيه‭ ‬بي‭ ‬مورجان‭ (‬JP‭ ‬Morgan‭) ‬توقعاتهم‭ ‬بزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬إلى‭ ‬99‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2021،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬5‭.‬4‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًّا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭ (‬24‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬أويل‭ ‬برايس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬أوبك‭ ‬واصلت‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬الضخ‭ ‬الجماعي‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياته‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭ ‬منذ‭ ‬أبريل‭ ‬2020،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬26‭.‬72‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬يوميا‭. ‬وذكرت‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬سوف‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬بمقدار‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬أخرى‭ ‬يوميا،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬انتعاش‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭.‬

وفي‭ ‬ختام‭ ‬مقاله‭ ‬التحليلي،‭ ‬توصل‭ ‬هندرسون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عيون‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬ستظل‭ ‬تراقب‭ ‬الخليج،‭ ‬لكن‭ ‬مخاوفها‭ ‬الرئيسية‭ ‬ستظل‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬تأثير‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬‭. ‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬القلق‭ ‬المتعلق‭ ‬بالانتشار‭ ‬الحالي‭ ‬لمتحور‭ ‬دلتا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يبررها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ولا‭ ‬يستثني‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬الحالية‭ ‬أو‭ ‬المستقبلية‭ ‬بشأن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية،‭ ‬وكيف‭ ‬سيؤثر‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬اقتصادات‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وعلى‭ ‬قطاع‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬تحليل‭ ‬هندرسون‭ ‬للأحداث،‭ ‬خلصت‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أساسيات‭ ‬السوق‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬الطلب‭ ‬نتيجة‭ ‬القيود‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‮»‬‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page