top of page

26/6/2021

الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الصحافة الغربية

لم‭ ‬يكن‭ ‬انتخاب‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬المحافظ‭ ‬‮«‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‮»‬‭ ‬لرئاسة‭ ‬إيران‭ ‬مفاجأة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬للمطلعين‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية؛‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬دعم‭ ‬قوي‭ ‬من‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬لطهران‭ ‬‮«‬آية‭ ‬الله‭ ‬خامنئي‮»‬،‭ ‬واستبعاد‭ ‬المعارضين‭ ‬الإصلاحيين‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭.‬

وينبع‭ ‬عدم‭ ‬الارتياح‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬معتدلة‭ (‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المعايير‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭) ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬متشددة‭ ‬بقوة،‭ ‬والتي‭ ‬ستؤكد‭ ‬فقط‭ ‬سلطة‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى،‭ ‬وقد‭ ‬رأى‭ ‬أندرو‭ ‬إنجلاند‭ ‬ونجمة‭ ‬بزرجمهر،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬‮«‬تمنح‭ ‬النظام‭ ‬المتشدد‭ ‬سيطرة‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المعتدلين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يتم‭ ‬تهميشهم‭ ‬بدرجة‭ ‬أكبر‮»‬‭. ‬وخلص‭ ‬باتريك‭ ‬وينتور‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬رئيسي‭ ‬‮«‬يعني‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أذرع‭ ‬الحكومة،‭ ‬المنتخبة‭ ‬وغير‭ ‬المنتخبة،‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬المحافظين‮»‬‭.‬

كما‭ ‬سارع‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيسي‭ ‬سيعزز‭ ‬سلطة‭ ‬خامنئي،‭ ‬فقد‭ ‬وصفت‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس‭ ‬رئيسي‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تلميذ‮»‬‭ ‬للمرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني،‭ ‬بينما‭ ‬جادلت‭ ‬فيفيان‭ ‬يي،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬رئيس‭ ‬للبلاد‭ ‬ولكن‭ ‬بضمان‭ ‬عدم‭ ‬تحديه‭ ‬لخامنئي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تُرك‭ ‬التيار‭ ‬الوسطي‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬من‭ ‬دون‭ ‬من‭ ‬يمثلهم‭ ‬في‭ ‬السلطة‮»‬‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬علق‭ ‬علي‭ ‬فائز،‭ ‬مدير‭ ‬مشروع‭ ‬إيران‭ ‬بمجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحكومة‭ ‬الأولى‭ ‬المملوكة‭ ‬بالكامل‭ ‬لآية‭ ‬الله‭ ‬خامنئي،‭ ‬وإن‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني‭ ‬خلق‭ ‬وضعًا‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬لإحداث‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬يعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ضرورية‭ ‬لإرثه‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاختلافات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ ‬رئيسي‭ ‬القادمة‭ ‬وحكومة‭ ‬حسن‭ ‬روحاني،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أولويات‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬محلية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يواجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬مهمة‭ ‬شاقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الضغوط‭ ‬الاجتماعية‮»‬‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬اللامبالاة‭ ‬للنظام‭ ‬السياسي‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬طهران‭. ‬وعلقت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أيضًا‭: ‬أنه‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬روحاني،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يحاول‭ ‬رئيسي‭ ‬تقليص‭ ‬دور‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬القوي،‭ ‬الذي‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬ويسيطر‭ ‬على‭ ‬إمبراطورية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬الداخل‮»‬‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬مكانته‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بمجرد‭ ‬انتخابه،‭ ‬فقد‭ ‬سلطت‭ ‬جميع‭ ‬الصحف‭ ‬الغربية‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬السجل‭ ‬الإيراني‭ ‬لانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وسجلت‭ ‬صحيفة‭ ‬ذي‭ ‬إندبندنت‭ ‬أن‭ ‬رئيسي‭ ‬كان‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬الموت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬السجناء‭ ‬بالإعدام‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭. ‬وانعكاسًا‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬سيكون‭ ‬رئيسي‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬إيراني‭ ‬يتولى‭ ‬منصبه‭ ‬يخضع‭ ‬للعقوبات‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالانتخابات‭ ‬نفسها،‭ ‬رأى‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬أنها‭ ‬انتخابات‭ ‬شكلية،‭ ‬ولاحظت‭ ‬هولي‭ ‬داجريس،‭ ‬الزميلة‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التابع‭ ‬لمركز‭ ‬أبحاث‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬رئيسي‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬انتخابًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭... ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬تتويجًا‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬وصف‭ ‬ماثيو‭ ‬كرونيغ،‭ ‬نائب‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬سكوكروفت‭ ‬للشؤون‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والأمن‭ ‬التابع‭ ‬للمجلس‭ ‬الأطلسي‭ ‬الانتخابات‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬خدعة‭ ‬متقنة‮»‬‭. ‬بينما‭ ‬أوضح‭ ‬إنجلاند‭ ‬وبزرجمهر‭ ‬كيف‭ ‬قاطع‭ ‬مؤيدو‭ ‬المرشحين‭ ‬المعتدلين‭ ‬‮«‬المحبطين‮»‬‭ ‬التصويت،‭ ‬معتقدين‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬مُحدد‭ ‬سلفًا‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬استبعاد‭ ‬المرشحين‭ ‬الإصلاحيين‭ ‬البارزين‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬مجلس‭ ‬صيانة‭ ‬الدستور‭ ‬غير‭ ‬المنتخب‭ ‬في‭ ‬إيران‭. ‬وأضافا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المشاركة‭ ‬المنخفضة‭ ‬ستقوِّض‭ ‬الشرعية‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬قادة‭ ‬إيران‭ ‬للمطالبة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‮»‬‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬‮«‬تتسع‮»‬‭ ‬الهوة‭ ‬بين‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬وآيديولوجية‭ ‬النظام‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬فوز‭ ‬رئيسي‭ ‬بـ62‭%‬‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأصوات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬كانت‭ ‬48‭.‬8‭%‬‭ ‬فقط،‭ ‬مع‭ ‬بطلان‭ ‬3‭.‬7‭ ‬ملايين‭ ‬بطاقة‭ ‬اقتراع،‭ ‬وهذا‭ ‬العدد‭ ‬وحده‭ ‬يعادل‭ ‬نسبة‭ ‬ثاني‭ ‬أعلى‭ ‬فائز‭ ‬بالأصوات‭.‬

وقدّم‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬تحليلًا‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬تفاعل‭ ‬طهران‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم،‭ ‬فوفقًا‭ ‬لإيزابيل‭ ‬ديبري‭ ‬وجون‭ ‬جامبريل،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس،‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬شكل‭ ‬فظ‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لإيران‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الأوسع‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬له‭ ‬كرئيس‭ ‬منتخب،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عقوباتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬بينما‭ ‬يرفض‭ ‬تمامًا‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لقاء‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭.‬

وذكرت‭ ‬باربرا‭ ‬سلافين،‭ ‬مديرة‭ ‬مبادرة‭ ‬مستقبل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حقبة‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬أطراف‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬للمصالحة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توشك‭ ‬على‭ ‬نهايتها،‭ ‬وأن‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة‭ ‬الشاملة‭ (‬JCPAO‭) ‬ستمثل‭ ‬أقصى‭ ‬ملامح‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وليست‭ ‬أرضية‭ ‬يُمكن‭ ‬الانطلاق‭ ‬منها‭ ‬لجني‭ ‬مكاسب‭ ‬أخرى‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭. ‬كما‭ ‬توقعت‭ ‬سلافين‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬رئيسي‭ ‬‮«‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإيرانية‭ ‬مع‭ ‬الصين‮»‬،‭ ‬ويعيد‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬تحالف‭ ‬بلاده‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬روسيا‮»‬،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬الميليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‮»‬‭. ‬بينما‭ ‬توقع‭ ‬بريت‭ ‬ستيفنس،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬ستتدفق‭ ‬إلى‭ ‬وكلاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬واليمن‮»‬‭ ‬بمجرد‭ ‬تولي‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬منصبه‭.‬

وتماشيًا‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬المتوقعة‭ ‬الأكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فإن‭ ‬مستقبل‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ ‬يبدو‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬غموضًا‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وأفادت‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬‮«‬انهيار‭ ‬الصفقة‮»‬‭ ‬تراجعا‭ ‬لشعبية‭ ‬روحاني‭ ‬والأصوات‭ ‬المعتدلة،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬صعود‭ ‬متشدد‭ ‬معاد‭ ‬للغرب‭ ‬أثار‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬الاتفاق‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬رئيسي،‭ ‬وفقًا‭ ‬لصحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‭ ‬البريطانية،‭ ‬قال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬حكومته‭ ‬ستواصل‭ ‬جهودها‭ ‬لاستمرار‭ ‬المفاوضات‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬التزامات‭ ‬تنبثق‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬لن‭ ‬تُطبَّق‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الموقِّعين‭ ‬الحاليين‭ ‬على‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وهم‭ ‬كل‭ ‬من‭: (‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭)‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستكون‭ ‬واشنطن‭ ‬خارج‭ ‬تلك‭ ‬اللعبة‭ ‬التفاوضية‭. ‬كما‭ ‬رفض‭ ‬رئيسي‭ ‬فرض‭ ‬أي‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬إيران‭ ‬الصاروخية‭ ‬ومسألة‭ ‬دعمها‭ ‬للمليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬الإقليمية‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬‮«‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتفاوض‭ ‬والنقاش‮»‬‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الرفض‭ ‬المبدئي‭ ‬لتمهيد‭ ‬أي‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬لبدء‭ ‬مفاوضات‭ ‬مستقبلية‭ ‬سيكون‭ ‬بالقطع،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬علامة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬‮«‬ضعف‭ ‬بايدن»؛‭ ‬حيث‭ ‬ستنتشر‭ ‬الروايات‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬استطاع‭ ‬فقط‭ ‬استعادة‭ ‬اتفاق‭ ‬قديم،‭ ‬ولكنه‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنازلات،‭ ‬وهنا‭ ‬ستنهال‭ ‬عليه‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬اللاذعة؛‭ ‬لكونه‭ ‬أعاد‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬ذاته‭ ‬مجددًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬حل‭ ‬للقضايا‭ ‬الشائكة‭ ‬مع‭ ‬إيران‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نبرة‭ ‬التشاؤم‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬فوز‭ ‬رئيسي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬التفاؤل‭ ‬بإمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬‏مفاوضات‭ ‬‮«‬فيينا‮»‬‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬يوليو‭ ‬‏المقبل‭. ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬الجارديان‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬انتخاب‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيود‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الراهنة‭ ‬والمفروضة‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬المحادثات‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬عودة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المفترضة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬حيث‮»‬‭ ‬أصر‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬طوال‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬إجماع‭ ‬داخلي‮»‬‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬انتخاب‭ ‬رئيسي‭ ‬لن‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإجماع‭ ‬شيئا‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬دافع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬إي‭ ‬سانجر‮»‬‭ ‬و‮«‬فرناز‭ ‬فاسيحي‮»‬،‭ ‬بصحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬الأمريكية،‭ ‬عن‭ ‬حجة‭ ‬أن‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الدراما‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬الأسابيع‭ ‬الستة‭ ‬التالية‭ ‬قبل‭ ‬تنصيب‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مرحلة‭ ‬تقدم‭ ‬نحو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬والذي‭ ‬ستراه‭ ‬بأنه‭ ‬قرار‭ ‬مؤلم‭ ‬تم‭ ‬تأخيره‭ ‬طويلاً‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬حافظت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬لهجتها‭ ‬المتشددة‭ ‬الممزوجة‭ ‬ببعض‭ ‬التفاؤل‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيسي‭. ‬فقد‭ ‬صرح‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‮ ‬بالبيت‭ ‬الأبيض‮ «‬جيك‭ ‬سوليفان‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬‮«‬الأولوية‭ ‬القصوى‮»‬‭ ‬بالنسبة‭ ‬لواشنطن‭ ‬أن‭ ‬تمنع‭ ‬جذريًّا‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية،‭ ‬وبدوره‭ ‬قال‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬نيد‭ ‬برايس‭ ‬للصحفيين،‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬واثقة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬سنكون‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬نحن‭ ‬عليه‭ ‬الآن‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬المستقبلي‭ ‬سيأتي‭ ‬بعواقب‭ ‬سياسية‭ ‬كبرى،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬أكده‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬سانجر‮»‬‭ ‬و«فاسيحي‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬القوى‭ ‬المعتدلة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬سيتم‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬عليها‭ ‬جراء‭ ‬الاستسلام‭ ‬للمطالب‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يتحملون‭ ‬وطأة‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬داخل‭ ‬إيران‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬بعد‭ ‬إبرام‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬ترسيخ‭ ‬نفوذ‭ ‬المعسكر‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬قادمة‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬تعكس‭ ‬لهجة‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬فوز‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الإيرانية‭ ‬نظرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬والمنظمات‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬المحادثات‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬خطوة‭ ‬إيجابية‭ ‬نحو‭ ‬استعادة‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ ‬وترويض‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬المستشري‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بطريقة‭ ‬ما‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تولي‭ ‬رئيسي‭ ‬للسلطة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬أمام‭ ‬واشنطن‭ ‬سوى‭ ‬وقت‭ ‬محدود‭ ‬نحو‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬المقرر‭ ‬انعقادها‭ ‬يوليو‭ ‬المقبل‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تفاؤل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬وينتور‮»‬‭ ‬و«سانجر‮»‬‭ ‬و«فاسيحي‮»‬‭ ‬المحدود‭ ‬بإمكانية‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬عدم‭ ‬إمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬ماضية‭ ‬تقلل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬فترة‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬القضية‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬السابق‭ ‬المليء‭ ‬بالشكوك‭ ‬وانعدام‭ ‬الثقة‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page