مقالات رئيس المركز
د. عمر الحسن

22/5/2021
الـحقـائـق الـثـابـتـة فــي الـرد عـلى مزاعم 13 عضوا بالـكـونـجـرس بـشأن حـقـوق الإنسان في البحرين
ردًّا على رسائل 13 عضوًا في الكونجرس الأمريكي «مجلسي الشيوخ والنواب» بلا عنوان -أي غير موجهة لأحد- ولكن منظمة «أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين»، نشرتها على موقعها مع ترجمتها إلى العربية، وكأنها أعدت خصيصًا لها، وهي منظمة مسجلة في الولايات المتحدة ومقرها واشنطن، يديرها بحريني مطلوب للعدالة، تعاونه إيرانية كانت تعمل في قناة العالم الإيرانية، وثالث لبناني من الجنوب، مما يعني أنها منظمة ليست أمريكية كما تدعي، حتى وإن تم تسجيلها هناك، ويعتبر نشر هذه الرسائل على موقعها اختراق كبير لأعمال أعضاء الكونجرس.
وتضمنت الرسائل انتقادات ومعلومات وافتراءات مضللة وبعيدة عن الحقيقة حول وضع حقوق الإنسان في البحرين.
وقد قام السفير د. «عمر الحسن»، بالكتابة إلى النواب الثلاثة عشر وإلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ورئيسة مجلس الشيوخ كاميلا هاريس برد موثق بالحقائق والأرقام على انتقادات أعضاء الكونجرس، يوضح ويفند ما جاء بهذه المراسلات من مغالطات. وقبل تناول الرد على الانتقادات وجه عددا من الأسئلة الصريحة إلى السادة النواب:
1- هل مثل هذه الانتقادات والمعلومات والتي وردت في الرسائل المشكوك في صحتها ودقتها وغير المعنونة لأحد، تخدم قضايا حقوق الإنسان البحريني أم أنها تخدم أهداف منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان التي استخدمت ونشرت هذه الرسائل على موقعها بشعار الكونجرس وبأسماء أصحابها باللغتين العربية والانجليزية بهدف تشويه ملف البحرين الحقوقي، ومن يقرأ هذه الرسائل من على موقع هذه المنظمة يظن فورًا أنها تتبع الكونجرس أو أنها وحدة من وحداته؟
2- مهام أعضاء الكونجرس خدمة الولايات المتحدة، فكيف يسمح النواب بأن تستغل اسماؤهم ومواقعهم وشعار الكونجرس أيضًا من قبل منظمة معادية للبحرين ومن أشخاص هاربين تشجع على العنف والفوضى ومخالفة النظام وتتعاون وتنسق مع دولة هي تدعم الإرهاب الدولي؟
3- ما هي العلاقة بين هذه المنظمة والأعضاء الذين استخدموا موقعها لتشويه سمعة البحرين والإساءة لها من خلال ما تضمنته رسائلهم من انتقادات؟
4- وأخيرا كيف لأعضاء الكونجرس السماح لأنفسهم بالإساءة لدولة صديقة وحليفة بمثل هذه الطريقة وهذا الأسلوب البعيد عن المهنية وعن مهام أعضاء الكونجرس بينما كان يمكنهم التواصل مع المسؤولين في البحرين واستجلاء الحقيقة منهم؟
كان الأولى بهم كأعضاء في الكونجرس الأمريكي العريق قبل أن يتبنوا مزاعم وتفسيرات مغلوطة مبنية على معلومات من مصادر مبهمة أو منحازة أو معادية أن يتواصلوا مع مجلسي النواب والشورى في البحرين أو مع وزارة الخارجية أو حتى قيام وفد بزيارة البحرين للاستماع إلى وجهة النظر الأخرى، بدلا من الاعتماد على جهة واحدة، وهو ما أفقد هذه المراسلات مصداقيتها، موضحًا أن الهدف هو التشهير بالبحرين والإضرار بشعبها وبأمنها واستقرارها وتهديد السلم الأهلي.
وأظهر د. «الحسن» مدى إصرار هؤلاء الأعضاء على التدخل في الشأن البحريني الداخلي من خلال مطالبتهم الولايات المتحدة باستخدام نفوذها لاتخاذ المزيد من الإجراءات للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان وحمايتها في البحرين، وفي رده أكد أن الولايات المتحدة من الناحية التاريخية لا تملك سجلاً مشجعًا في كل إداراتها السابقة يمنحها حق تقييم الآخرين، ففاقد الشيء لا يعطيه، ضاربا مثالا بما حدث من غزو واحتلال أمريكي للعراق ومن دون موافقة من الأمم المتحدة وبحجج كاذبة، وتدميره وتقسيمه وتشريد وتهجير الملايين من شعبه عام 2003، وقتل واعتقال عشرات الآلاف وتعذيبهم، فضلا عما قامت به في دول أخرى، مثل أفغانستان وليبيا وسوريا واليمن، هذه الدول أصبحت في حكم الدول الفاشلة، ويكفي الإشارة إلى معتقل «غوانتنامو» السيئ السمعة، الذي مورست فيه كافة أشكال التنكيل والتعذيب حتى اليوم لأكثر من 700 معتقل ومن دون محاكمات، مضافًا إليها عشرات السجون السرية التي كانت في مناطق مختلفة من العالم، فضلا عن أعمال القتل العنصرية التي تقوم بها الشرطة الأمريكية بشكل ممنهج، مؤكدا أن مثل هذه التدخلات في شؤون الدول ليست لخدمة قضايا حقوق الإنسان، وإنما هي لخدمة أجندات خاصة، موضحًا أن الأمم المتحدة لم تعطِ الحق للولايات المتحدة وأعضاء الكونجرس ولا لغيرها من الدول في الوصاية على حالة حقوق الإنسان في العالم، ولم يخوِّل ميثاقها لحقوق الإنسان تنفيذ نصوصه على دولة أو جهة بعينها، بل إن هذا المطلب يخل بمبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول المستقرة ذات السيادة.
ومن نواحٍ عديدة، أوضح أن هذه الادعاءات الواردة في المراسلات مردود عليها ليس بالقول ولكن بواقع أفعال المملكة التي تُنفذ على أرض الواقع، فما حققته في مجال تعزيز الديمقراطية وحفظ وصون حقوق الإنسان، يبرهن ليس فقط على مدى سطحية وسذاجة هذه الانتقادات، بل يثبت أن البحرين تخوض تجربة من أنجح التجارب الديمقراطية في المنطقة.
ادعى بعض النواب أن البحرين أصبحت أقل أمانًا، فكان رد الدكتور الحسن أن أشار إلى أنها حلت في المراتب الأولى عربيًا في مؤشر الدول الأكثر أمانًا بالعالم في 2020، حيث جاءت في المرتبة الخامسة عربيًا، والـ22 عالميًا، وانخفض عدد العمليات الإرهابية حتى وصل صفرا عام 2020 وفقًا لتقرير الخارجية الأمريكية حول الإرهاب، ومعدلات الجريمة هي الأقل في العالم، كما أوضح تقرير السعادة العالمي لعام 2021 أنها احتلت المرتبة الـ35 عالميًا من بين 149 دولة، مع مجموع نقاط 6.174 من أصل 10، ومن ناحية السعادة الوطنية بين عامي 2018 و2020، تم تصنيفها على أنها الأعلى في منطقة الخليج، كما صنفها تقرير منظمة انترنيشنز الصادر في مايو 2021 في المرتبة الأولى كأفضل الوجهات على مستوى العالم للعمل والإقامة.
وحول ما يتعلق بالعملية الديمقراطية، أكد أنه منذ إقرار ميثاق العمل الوطني عام 2001، استطاعت المملكة أن ترسخ الأطر المؤسسية والتشريعية للعمل الديمقراطي، مؤكدا استدامة إنجازاتها الديمقراطية على قواعد راسخة من حكم القانون والمؤسسات، والعدالة والمساواة، وتكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار، مما أكسبها تقدير المجتمع الدولي، حيث ارتفع حجم المشاركة السياسية، وتشكلت الجمعيات السياسية بمختلف توجهاتها، إلى جانب إنشاء العشرات من الجمعيات والمنظمات الأهلية والمهنية، كما تم إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس، إلى جانب العديد من المؤسسات الوطنية الأخرى. وشهدت البحرين إجراء انتخابات تشريعية نزيهة وشفافة في الأعوام 2002 و2006 و2010 و2011 و2014 و2018، وفي انتخابات 2006 و2010 فازت المعارضة بأغلبية نسبية في انتخابات مجلس النواب. وزادت عدد منظمات المجتمع المدني في البحرين من 275 في عام 2001 إلى 631 جمعية في عام 2021، منها ما هو معني بحقوق الإنسان وعددها 9 منظمات.
وفي رده على مزاعم وجود قيود على حرية التعبير، وعلى النشر عبر الإنترنت، أشار إلى أن حرية الرأي والتعبير كفلها الميثاق الوطني وكذلك الدستور، وتم توفير الآليات والقنوات الشرعية للتعبير السلمي عن الرأي وليس بنشر الفوضى ومخالفة النظام، ومنها: السماح بتنظيم الندوات والمؤتمرات والمظاهرات والمحاضرات والحلقات النقاشية، والتي بلغت خلال الأعوام من (2001 حتى 2020 نحو 5620)، أتيح فيها للجميع التعبير عن نفسه والإدلاء بآرائه، كما تم تنظيم 1589 اعتصامًا ومسيرة ومظاهرة منذ عام 2001 حتى اليوم، فضلا عن إنشاء النقابات العمالية (79 نقابة)، ومنظمات المجتمع المدني (631). ولدى البحرين مؤسسات وجمعيات ولجان مستقلة تضمن حقوق الإنسان عددها (28) ما بين حكومية وبرلمانية وأهلية، من بينها: (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)، و(الأمانة العامة للتظلمات)، و(وحدة التحقيق الخاصة بسوء المعاملة التابعة لوزارة العدل)، و(مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين)، و(اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان)، ولجنتي حقوق الإنسان في مجلسي الشورى والنواب، كما وصل عدد المشتركين البحرينيين في مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يزيد على مليوني مشترك، والبحرين الرابعة عالميًّا في نسبة استخدام الإنترنت، وفقًا لتقرير التنافسية العالمية 2019.
أما عن ذكر المراسلات أن السلطات البحرينية تقوم بحل جميع جمعيات المعارضة، فقد أشار د. «الحسن»، إلى أن البحرين أجازت لأول مرة في منطقة الخليج منذ تولي جلالة الملك السلطة عام 1999؛ إنشاء جمعيات سياسية «أحزاب» وصل عددها حتى تاريخه «16»، تضم شتى ألوان الطيف السياسي في المملكة، ولم يتم سحب ترخيص أي جمعية بسبب كونها جمعية معارضة. وبشأن سحب ترخيص جمعيتي (الوفاق ووعد)، أوضح أن له أسبابا أخرى، حيث قامتا بممارسات تهدد أمن الدولة والسلم الأهلي، وتضعهما تحت طائلة القانون بعد وقوعهما في العديد من التجاوزات لقانون الجمعيات السياسية.
وحول مزاعم النواب بإعدام المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وقادة المعارضة، بيّن أن تنفيذ عقوبة الإعدام نادر في البحرين، وباعتراف المنظمات الدولية هي الأقل عالميًا، حيث لم يُنفَّذ حكم الإعدام منذ استقلال البحرين عام 1971 حتى اليوم، أي بعد 50 عامًا من انتهاء الحماية البريطانية وإعلان الاستقلال، إلا على 10 حالات، وتتم استنادًا إلى الشريعة الإسلامية التي تقضي بعقوبة الإعدام في جرائم خطيرة ومحددة.
وعن احتجاز متظاهرين ومنتقدين للحكومة واتهامهم بالإرهاب، رد بالقول إن حالات الاحتجاز والاعتقال، ترجع إلى جهات التحقيق، ووفقًا لحجم وخطورة الاتهام الموجه إلى الأشخاص، ولا يتم القبض على أي شخص بسبب موقفه السياسي أو حرية التعبير، إلا إذا ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون، وهؤلاء تتم محاكمتهم وفق المعايير المتعارف عليها دوليًّا، باتهامات محددة، ودرجات التقاضي المتعارف عليها.
وادعى بعض النواب أن هناك اعتقال وتعذيب وسوء معاملة المحتجزين، فكان الرد أن المملكة لا تتهاون مع أي نوع من أنواع التعذيب، وهو ما أكده تقرير «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق»، التي تم تشكيلها بالتعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي أشار إلى أن التعذيب فردي، وليس نهجًا حكوميًّا، كما أنه تم تشكيل «وحدة تحقيق خاصة» تابعة للنيابة العامة عام 2012، تختص بالتحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة وفقا لمبادئ إسطنبول الدولية، وتم تركيب أجهزة سمعية وبصرية ووضع كاميرات المراقبة في غرف التحقيق والاستجواب، والتوقيع على مذكرة تفاهم مع منظمة الصليب الأحمر الدولية في ديسمبر 2011؛ تسمح بموجبها وزارة الداخلية للمنظمة بمراقبة وتقييم أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز وهو ما تقوم به بشكل دوري وتقاريرها تدحض كل الادعاءات التي تنشرها جماعات التمرد والضلال.
وفيما يتعلق بعدم مساءلة قوات الأمن، كان رده واضحا بأن الحالات التي حدثت فيها تجاوزات بالسجون ومراكز الاعتقال تم إخضاعها لعمليات تحقيق، وتقديم المتجاوزين للمحاكمة، والحكم على عدد ممن ثبت عليهم مخالفة القانون بعقوبات رادعة، كما أنه لدى وزارة الداخلية إدارة التدقيق الداخلي والتحقيقات التي تتلقى وتفحص الشكاوى ضد قوات الأمن كآلية للإبلاغ عن سوء معاملة السجناء، وتم إصدار مدونة سلوك لرجال الأمن، وإقرار برنامج تدريبي دولي يخضع له الموظفون في مجالي الأمن والقضاء، لتدريبهم على احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والإلمام به.
وعلى صعيد اتهام المملكة بتجريد أشخاص من جنسيتهم بسبب آرائهم المعارضة، أوضح أن قانون الجنسية يجيز سحبها ممن يقوم بأعمال إرهابية أو يشجع عليها، أو ينضم لجماعات محظورة أو ينخرط بالخدمة العسكرية في دولة أجنبية دون موافقة الحكومة، أو يساعد دولة مُعادية، أو جنّد الشباب وغرر بهم للذهاب إلى دول أخرى؛ للتدريب على القيام بأعمال إرهابية، وأن ما تتبعه البحرين لا يختلف عما تقوم به دول مثل أمريكا وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وغيرها.
أما عن الزعم بوجود محاكمات جائرة تفتقر إلى المعايير الدولية، فقد أكد د.«الحسن»، أن المملكة تعتز بنزاهة واستقلالية سلطتها القضائية، باعتبارها ضمانة أساسية لترسيخ العدالة وحماية الحقوق والحريات، وتوفر نظما عصرية للعدالة والإصلاح، مثل تطبيق نظام العقوبات البديلة، بمقتضى القانون رقم 18 لسنة 2017، وهو النظام الذي يتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان، والذي سبقت المملكة الكثير من البلدان بتطبيقه وحققت بمقتضاه ارتقاء حقوقيا، مشيرًا إلى أن المتهمين يخضعون لمحاكمات عادلة وفق المعايير الدولية، بعد توجيه اتهامات محددة، وتمر محاكمتهم بدرجات التقاضي المتعارف عليها دوليًّا بوجود المحامين والأهالي وممثلين لبعض السفارات ووسائل الإعلام، وهذا يفند الادعاءات بخصوص محاكمات أشخاص وردت اسماؤهم في المراسلات.
ومع وجود مثل هذه الأسباب القوية، تمنى على أعضاء الكونجرس ضرورة عدم إطلاق أحكام باطلة، والابتعاد عن النظرة السطحية في التعامل مع قضايا وملفات حساسة تتعلق بأمن واستقرار دول أعضاء في الأمم المتحدة، حيث إن «تسييس» قضايا حقوق الإنسان واتخاذها أداة للضغط، هو انتهاك لحقوق الإنسان، ولكل القواعد والقوانين الدولية.
وفي النهاية، استبعد د.«الحسن» كيف أن أعضاء البرلمان الأمريكي بعناصره وإداراته وأجهزته لا يعرفون حقيقة كل ما تقدم من إنجازات سياسية وإنسانية واجتماعية واقتصادية قامت بها البحرين خلال فترة زمنية قصيرة في عمر الدول، ولا يعرفون حجم التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية التي تجابه المملكة.
وختم رده بالقول إن هناك قصورًا في تفسير هذه الرسائل لجميع جوانب حالة تقدم واحترام حقوق الإنسان في البحرين وخاصة منذ تولى جلالة الملك الامانة عام 1999، الأمر الذي اعترف به المجتمع الدولي بانتخاب البحرين في عام 2019 لمدة ثلاث سنوات عضوًا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وانتخابها لعضوية المجلس مرتين من قبل في عامي 2006 و2009.
رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية - لندن